من أكثر الأشياء التي تجعل الارتياح يورق في حديقة قلبي عندما أرى شبابا سعوديا يعملون بكل إخلاص مثبتين كفاءتهم ونجاحهم في عدد من المواقع التي كان لا يعمل بها سوى الإخوة الوافدين..!
أسعد كثيراً حينما أراهم في مكاتب الاستقبال بالفنادق وخلف الكونترات في المستشفيات أمام المراجعين يؤدون عملهم بكل إخلاص وجدية وابتسامة، وأسعد أكثر عندما أكون في مناسبة وأجد النادل سعوديا، ويبلغ الفرح نهايته عندما اذهب إلى محل سباكة أو كهرباء أو ورشة سيارات وأجد بها شباباً سعودياً يعمل ويعرق ويبذل!
هذا ورب كاتب هذه السطور هو مناط الشرف!
إنه ليس صحيحاً أن كل الشباب لا يرغبون في العمل المهني!
هذا قد يكون صحيحاً عندما كانت الوظائف (على قفا من يشيل).. كما يقول المثل.. وعندما لم يتشكل وقتها الوعي الكافي بكرامة العمل أياً كان! وقبل أن تنتشر ثقافة الجدية لمن يروم النجاح من الشباب!
* * *
وكم شدتني عبارة واقعية صاغها بأسلوب شعري معالي الدكتور غازي القصيبي وزير العمل عندما سألته صحيفة (عكاظ) عن مردود تجربته في العمل (نادلاً) بأحد المطاعم فأجاب (أحسبها أنها أوجدت ثقباً في جدار العيب)!.
نحن الآن نسمع ونسعد بالإقبال الجيد على مخرجات المؤسسة العامة للتدريب المهني والفني بعد أن نجحت المؤسسة في التوسع في معاهدها ومراكزها وإيجادها الأقسام التي يحتاج إليها سوق العمل فعلاً فأضحت مخرجاتها كفاءات تجد فرصتها في سوق العمل.
أيها الشباب!
إن وطننا إذا كان يحتاج إلى ألف طبيب فهو يحتاج إلى عشرة آلاف ممرض، وإذا كان يحتاج إلى مائة مهندس فهو بحاجة إلى ألف فني!
* * *
بقي أن أبدي استغرابي الذي لا حدود له من ذلك الطرح العجيب الذي يرسخ مفهوم (المهن الوضيعة) ويكرسها في ذات الوقت الذي يتنادى الجميع إلى نشر (ثقافة شرف المهنة) أي مهنة؟.. هذا الطرح جاء في رأي منشور لرئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإدارة ونائب رئيس جمعية حماية المستهلك د. ناصر آل تويم لقد قال في تصريحه المجانب للصواب وهو ينتقد د. غازي القصيبي الذي نفى - بوحي من مواطنته وموقع مسؤوليته عندما قال: (أنه لا توجد مهن رفيعة ومهن وضيعة وفي تاريخنا القريب كنا نقوم بهذه المهن ونمارسها)، لقد أنكر الأخ ناصر ذلك وقال في رد نشره (هناك وظائف وضيعة ووظائف دنيا فهناك بكل تأكيد وظائف جاذبة ووظائف عليا.. ولا أعتقد بأن الوزير سيكون مسروراً إذا ما قبل أحد أبنائه أو بناته بالعمل في تلك الوظائف الوضيعة.. حتى في البلدان الأقل شأناً في الاقتصاد نجد أن غالبية من يشغل الوظائف (اليدوية) أو الدنيا هم ليسوا بمواطنين وإنما جنسيات أخرى وبعض علماء الإسلام وفي العصور الذهبية وافقوا بأن مهن الحجام والفحام واللحام والخراز وغيرها من المهن الوضيعة، فهل يرضى لابنه بالعمل في تلك المهن أو يرضى لابنته من الزواج بأحد من أصحاب تلك المهن.. ربما!).
إنني لا أكاد أصدق أن هذا الكلام خرج من رئيس مجلس إدارة ومن نائب رئيس جمعية حماية المستهلكين.. كيف يحتقر مثل هذه المهن.. وكأنه يحذر شبابنا أن لا يعملوا في هذه المهن.. كيف يرسخ مفهوم شيء اسمه (مهن وضعية) والأنبياء والرسل - عليهم السلام - عملوا بمثل هذه المهن التي يسميها (وضيعة).. بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رأى يداً بانت عليها آثار خشونة العمل اليدوي قال: (هذه يد يحبها الله ورسوله)!
العمل شرف - أخي ناصر - ولا يسقط المرء من عيني الإنسان عندما يؤدي أي عمل لكنه يسقط - كما قال الفاروق - إذا كان لا عمل يقوم به..!
***
-2-
م. محمد جميل
لم نعتد منك إلا كل جميل!
** تعودنا من م. محمد عبداللطيف جميل كل أخبار طيبة وسارة مثل مشروعات (باب رزق جميل) و(مشروعات خدمة المجتمع) وغيرها من المبادرات الجميلة.
لكن قبل العيد حمل لنا م. محمد خبراً لم يسرنا عندما أعلن م. محمد أن أسعار سيارات وكالته سوف تزيد 15%..!
جاء هذا الخبر أيام العيد وعدد كبير من الناس كانوا ينتظرون نظراً للأزمة المالية وتداعياتها على كل الدول كبيرها وصغيرها كانوا ينتظرون انخفاض الأسعار بشكل عام والسيارات بوجه خاص ولكن جاءنا العكس.. بدل النقص جاءتنا زيادة!.
***
-3-
أرق شكوى
أجمل وأرق شكوى قرأتها في هذا البيت من الشعر القديم:
رب إن الملاح جاروا علينا
وتعدوا حدودهم فأجرنا
لقد جأرت بشكواك الجميلة - أيها الشاعر - من جور الحسان وظلم الغيد.. لكن ترى لو تقدمت ب(شكوى) من جور الحسان إلى احدى محاكم الدنيا فهل ستنتصر؟ ومن سيكون خصمك.. إنه من المؤكد أنك سوف تنهزم أمام لفتة جيد أو بوح شفة، أو رفة جفن.. وعندها ستسحب شكواك وأنت المبتهج بأجمل هزيمة.
الرياض 11499 - ص.ب 40104
فاكس 014565576
Hamad.alkadi@hotmail.com