سيطرت الواقعية على الفعل العربي فتحقق الكثير على طريق الهدف الأولي المتمثل في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، والتأسيس للهدف الدائم الذي يوصل الفلسطينيين إلى حقوقهم الشرعية بتحقيق تسوية سلمية تحرر أرضهم وتطلق دولتهم المنتظرة.
واقعية الفعل العربي تجسد في القاهرة وفي نيويورك، ففي القاهرة أنجز وزراء الخارجية العرب ما هو المطلوب في هذا الوقت العصيب وفي هذه المرحلة الراهنة التي تتطلب العمل من أجل تحقيق الممكن وليس مناطحة الهواء كما يطالب مطلقو الشعارات.
ولأن المطلوب في الوقت الراهن هو وقف المجزرة الإسرائيلية وحماية أهل غزة من الإبادة الجماعية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد أشرك الوزراء العرب مجلس الأمن الدولي في هذه المهمة من طلبهم عقد اجتماع فوري للمجلس لبحث الطلب العربي، وفعلاً عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً بعد ساعات قليلة من انتهاء اجتماع وزراء الخارجية العرب، وناقش أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروع قرار عربي يتضمن طلباً يوقف العدوان الإسرائيلي على غزة فوراً.
ومع أن مجلس الأمن الدولي انفض دون أن يصوت على مشروع القرار العربي، إلا أن مجرد عقد الاجتماع بهذه السرعة وطرح مشروع القرار للمباحثات والنقاش بين الأعضاء يعد خطة متقدمة ويثبت صحة وفعالية واقعية التحرك العربي، كما أن فتح النقاش بين أعضاء مجلس الأمن الدولي وأطراف النزاع يتيح للوفد العربي الذي يقوده الأمير سعود الفيصل والذي سيصل إلى نيويورك أن يطرح الموقف العربي بكل أبعاده، كما أن توسيع دائرة النقاش وإعطاؤه الوقت الكافي يقوي بنود القرار ويجعله ملزما وأكثر قدرة على التطبيق على أرض الواقع ويعطي القرار غطاء دولياً يجعله أقوى تأثيراً سواء بالنسبة لوقف العمليات العسكرية سواء عدوان الجيش الإسرائيلي أو ردود أفعال المقاومة الفلسطينية المتمثلة في إطلاق الصواريخ، أو فرض تهدئة يلتزم بها الطرفان بضمانة وحماية دولية تشكل نوعاً من الرقابة الموضوعية، وتكشف من يخرق الهدنة التي كانت عرضة للخرق الإسرائيلي دون أي حساب بل ودون حتى عتاب.
***