Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/01/2009 G Issue 13244
الخميس 04 محرم 1430   العدد  13244
نوافذ
الفريقان
أميمة الخميس

 

على الرغم من فظاعة المشهد الدموي والمجازر الصهيونية المتوحشة التي تطبق على غزة, وصور الدماء والأشلاء التي تقشعر منها القلوب قبل الأبدان، فإنّ المناورات السياسية الماكرة لم تتوقف ومابرحت تطلّ برأسها وتحرّك خيوط المشهد وراء الكواليس.

فإلى كتابة هذا المقال لم يتفق الفلسطينيون على من سيمثلهم في مؤتمر القمة العربي الذي دعوا إلى عقده.

هل ستمثلهم منظمة (حماس) تحضر متوجّة بالشهادة التي تتناسب مع متطلّبات جيشان عاطفي شعبي عربي وعالمي، وبالتالي تحقق الهدف الأول من مؤتمر القمة العربي وهو امتصاص نقمة الجماهير؟ ومن ثم تستعيد فوق جسر من أجساد الشهداء وأشلائهم السلطة الغائبة أو المختطفة؟

أم (فتح) التي تظن أنها تحظي بقبول رسمي ودولي لكونها استطاعت أن تجير الانتفاضات الشعبية المتتالية لهدف خدمة العمل السياسي السلمي، والتي تستمد شرعيتها من كونها تمتلك ملامح الدولة المدنية المتوقعة، تلك الدولة التي انتزعت الاعترافات العالمية، بل فتحت قنوات الاتصال مع الكثير من الدول الكبرى والمنظمات العالمية التي تدعمها في طريقها نحو التحرير.

حماس إلى الآن ترفض تكوين وفد فلسطيني توافقي أو مشترك (لعلها في هذا المجال لم تحصل على الضوء الأخضر من حلفائها الإقليميين)، وتصر على استثمار دور الشهيد المدعوم بجيشان عاطفي شعبي على العديد من المستويات، فهو فرصتها الأخيرة لاستعادة السلطة والمجد الزائل والمفجع الموجع أمام هذا المشهد المنشرخ والمنقسم، حتى في تحديد طبيعة التمثيل وكمية المقاعد في القمة العربية المحتملة، (لشعب تسفح دماؤه على مرأى من العالم). إنّ هذا الخلاف يغيّب الجهود العربية الساعية إلى تكوين نواة لخطة إنقاذ عربية عاجلة تتحرك على نطاق عالمي واسع وعلى أكثر من صعيد.

وفي خلفية هذا المشهد النازف، تبرز الأصوات الغوغائية الزاعقة والصارخة، والقائمة على المهاترات والمزايدات وتوزيع التهم والتخوين، سواء من يحلم ببطولة شعبية من خلال طلبه من شعب أن يتمرّد على حكومته الرسمية ويسعى مدمراً مخرباً في الشارع، أو من يغلف تحليلاته السياسية بالبذاءات والألفاظ السوقية، ومن ثم يتكئ على منبر قناة الجزيرة لتنشر قاموسه على وجوه المشاهدين في العالم العربي.

لغة العواطف والإنشاء واللعب على عواطف الجماهير، وجميع أورام وأوجاع الخطاب العربي السياسي المأثور منذ عشرات السنين.

الشهداء وصل عددهم إلى 390 شهيداً و2000 جريح (حتى كتابة هذا المقال) واليوم ربما أكثر ... هكذا مجرّد أرقام، تنخفض الكرامة البشرية وتتلاشى، رأس كان يتنفس ويشم الهواء، ويملأ محيطه بالأحلام والآمال وصبابات شوقه لأسرة أو منزل ... تحوّل إلى رقم تعلنه المحطة الفضائية ومن ثم سرعان ما تنتقل إلى الخبر التالي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد