في مطلع العمر والآمال تشتعل |
والفكر في الموت عنه القلب منشغل |
شيخا رأيت مع الآلام منطويا |
والموت فيه وفيه للقذى ذلل |
نادى: بنيَّ وصوت الحزن يغلبه |
هلا سمعت كلاما صاغه الأجل |
ان الحياة قطار سيره عجل |
فيه المكوث قصير جله الجلل |
القاطرات كألوان على قزح |
فيها السواد وفيها الأبيض العسل |
فيها المسافر ولهان إلى هدف |
أن نال منه علاه الحرص والأمل |
يبني بقاطرة والموت سائله |
تبغي المكوث وعنها أنت مرتحل |
الموت ينطق والأصوات منبعها |
موت الخليل, فهذه للردى رسل |
موت الصحاب وموت الأهل يا ولدي |
للمتقين بيان للردى قبل |
هذا الكلام لكم يا شيخ لا عجبا |
نحن الشباب لنا في العمر مقتبل |
حقا أجاب ودمع العين يسبقه |
ان الشباب معي في الركب منتقل |
هذا القطار يسوق الخلق قاطبة |
الفقر فيه وفيه من له كلل |
ان عشت في السعد دهرا أو بلا وجع |
فالعمر يجري وأنت الخاسر الشغل |
اعمل لدنياك في تقوى وفي ورع |
فالرزق يكفل والأعمار تكتمل |
ما أجمل العيش بالإيمان يا ولدي |
فالعيش في الشرك ضنكن ما له حلل |
إن الحياة بتقوى الرب مزرعة |
فيها العطاء وفيها للتقى ظلل |
ما يثلج الصدر من هم ومن جزع |
الا الصلاة, ففيها للسما مقل |
ان كان يصدق فالأيام واسعة |
فيها أعيش ويوما سوف أعتدل |
ماذا تقول وسيف الموت منبسط |
لا يعرف الشيخ من طفل إذا يصل |
دع عنيَ الموت ما للموت من فزع |
فالجسم صلب ونفسي ما بها خلل |
اليوم انت قوي حين تحسبها |
لكنّ يوما بك الأوجاع تكتحل |
العسر في الدهر قد يعطيك مفترجا |
لكن عسرا به الهامات تنفصل |
الدهر يبليك يوما قد ترى أملا |
والكرب فيه ليوم العسر متصل |
لكن قلبي شباب عمره مدد |
والقلب يا شيخ للّذات يحتفل |
مهلا فمهلا فلا تغتر يا ولدي |
فالعمر يعجز من ناخت له السبل |
عنه بعدت وقلبي كاد يسألني |
ماذا يقول, خرافات بها هزل |
قابلت دهري بزهو لا حدود له |
والعزم فينا جبال ما لها قلل |
كالصخر حربا أجاب الدهر مقتبلي |
والسهم منه لجرح القلب منهمل |
صارعت دهري وناسا ما لهم ذمم |
من أجل خبز ولذات لها جبلوا |
كاليوم مرت سنين العمر مسرعة |
والموت فيها قريب ما له كلل |
قد غاب عني بأن العمر قاطرة |
حتى صحوت وشيب الرأس يشتعل |
قد نلت مني أيا موت فلا عجبا |
ان تحبس الروح, في الأجسام تعتقل |
ماذا جنيت من الدنيا؟ وربك لا |
اهل تواسي ولا الآلام تحتمل |
ماذا يفيد وقد مالت بنا سفن |
والبحر طين وما دارت به عجل |
آهٍ تراني جلست اليوم مجلسه |
والحزن في النفس جرح ما له مثل |
كالطفل عدت يتيما دون والدة |
كالطفل عدت, فهل يأتي لي الأجل؟ |
حاجات جسمي لها الأدرار مغتسلا |
والجلد فيه قروحا هدّها الشلل |
ناديت عونا فلا من منجد وأبي |
بالعطف يمسح عن جسمي فيغتسل |
ناديت ألفا لعون من لظى ألمي |
والنطق للعون من صم به مَلل |
لا تنفع اليوم آهات ولا ندم |
فالجسم عجز وفيه للقذى مِلل |
بين النوائب والأوجاع أيقظني |
طيف لشيخ وقد أعيانيَ الوجل |
من أنت؟ شيخ التقى قد جئت ترشدني |
فات الأوان لمن للنصح قد ثملوا |
يا ليتني لك يا شيخ التقى أذن |
للنصح سامعة, للعقل ممتثل |
لكن طيشا هوى في النفس عاصفة |
لا تعرف الخير من شر وان عزلوا |
مرحى لمن عاش في الدنيا بلا طمع |
والقلب فيه لذو الغفران يبتهل |
لم يبق غير دعاء للسماء به |
أرجو العظيم بأن يعفو وينتشل |
|