الجزيرة - حازم الشرقاوي
تبدأ اليوم أعمال قمة مسقط لدول مجلس التعاون الخليجي وسط بروز الملف الاقتصادي بصورة ملفتة عن القمم السابقة وذلك نتيجة أربعة عوامل مهمة وهي: الأزمة المالية العالمية، والانخفاض المستمر لأسعار النفط، والعملة الخليجية الموحدة المزمع تطبيقها في 2010 وتقييم أداء السوق الخليجية المشتركة التي طبقت من يناير 2008م.
أما عن الأزمة المالية العالمية فهناك حالة من الترقب لدول الخليج جراء الأزمة والتي بدأت تلقي بظلالها على دول المنطقة وكذلك ضغوط أخرى داخلية على اقتصادياتها منها الانخفاضات المتتالية في أسعار النفط الذي تعتمد عليه هذه الاقتصاديات وكذلك الانهيارات المتتالية في أسواق الأسهم، حيث قال تقرير لبيت الاستثمار العالمي (جلوبل) إن القيمة السوقية لبورصات الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي شهدت انخفاضاً بمقدار 373 مليار دولار (1.4 تريليون ريال سعودي) منذ بداية شهر أكتوبر عام 2008م.
وكذلك الانخفاضات التي شهدتها الأسواق العقارية فقد سجل مؤشر أسعار المبيعات لدول الخليج انخفاضاً بنسبة 6.5% خلال أكتوبر وذلك وفقا لتقرير (مزايا) القابضة فيما بلغ الانخفاض المتراكم على مؤشر الأسعار ما نسبته 15.1% منذ يونيو الماضى في إشارة إلى استمرار تراجع متوسط الأسعار السائدة على كافة القطاعات ولدى جميع الدول عند اختلاف درجة ومسببات التراجع المسجل لدى كل دولة، في المقابل سجل قطاع الأراضي التجارية نسبة الانخفاض الأعلى لدى دول مجلس التعاون الخليجي وبنسبة انخفاض 6.7% خلال أكتوبر الماضي نتيجة الانخفاض الحاصل على متوسط الأسعار بنسبة 8.5% لدى دولة الكويت وبنسبة انخفاض 6.2% لدى دولة الإمارات العربية المتحدة وبنسبة انخفاض 8% لدى دولة قطر وسجلت السعودية نسبة انخفاض على متوسط الأسعار بنسبة 5.8%.
كما أن هناك حالة من الخوف أصابت المواطن الخليجي من استمرار هذه الأزمة ودخولها في مراحل أعمق من ذلك مما يزيد من الآثار السلبية عليه وكذلك على هذه الدول حيث تشير التقارير إلى أن صعوبة الأزمة الحالية تكمن في كونها ضربت القطاع المالي. وكل ذلك يحدث رغم إعلان المملكة العربية السعودية عن وجود فائض في ميزانية العام الحالي 2008 قدر بنحو 590 مليار ريال، بعد تحقيقها لأكبر إيرادات في تاريخها 1.1 تريليون ريال.
أما العامل الثاني في الملف الاقتصادي وهو انخفاضات أسعار النفط، فهناك تحد كبير يواجه دول الخليج التي تعتمد اقتصادياتها على 90% من دخلها على النفط بسبب الانخفاضات السريعة التي تحدث في أسعار البترول فقد هوى برميل النفط من 147 دولاراً إلى 32 دولارا أي فقد حوالي 71% من قيمته، بالإضافة إلى اضطرار دول الخليج إلى تخفيض إنتاجها خلال الأشهر القليلة الماضية من أجل إحداث توازن في الأسعار بين العرض والطلب ولكي لا يحدث استمرار وتواصل في الانخفاضات التي شهدها على مدى الأشهر القليلة الماضية.
بينما يركز العامل الثالث على العملة الخليجية الموحدة، فقد أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية على أن هناك مشروعاً لاتفاقية الاتحاد النقدي ومجلس النقد سيتم عرضها على قمة مسقط وسيتم اعتمادها في القمة القادمة وبذلك يكون البرنامج الزمني مكتمل وقال: (العملة في هذه المرحلة على وجه التحديد أصبحت ملحة). هذا ويجري العمل حالياً على تطبيق الجدول الزمني الذي سبق أن أقره المجلس الأعلى في قمة مسقط (ديسمبر2001م) لتحقيق متطلبات الاتحاد النقدي وتحقيق مستوى عال من التقارب بين الدول الأعضاء في كافة السياسات الاقتصادية المالية والنقدية والتشريعات المصرفية. وفي ضوء ذلك تم في ديسمبر 2005 موافقة المجلس الأعلى على معايير التقارب الاقتصادي اللازمة لقيام الاتحاد النقدي، بالإضافة إلى الانتهاء من مسودة التشريعات والأنظمة الخاصة بالسلطة النقدية المشتركة التي ستتولى مهام إصدار العملة ووضع وإدارة السياسة النقدية الموحدة. ويتوقع أن تستكمل اللجان المعنية تفاصيل ذلك والإعداد الفني للمتطلبات خلال الفترة القادمة، وذلك تمهيداً لقيام الاتحاد النقدي لدول المجلس وإصدار العملة الموحدة.
فيما يأتي تقييم السوق الخليجية المشتركة كعامل رابع في الملف الاقتصادي والتي بدأ تطبيقها في يناير 2008 حيث يتم رفع تقرير شامل عن التحديات التي واجهت هذه السوق كافة على مدار الـ12 شهراً الماضية وذلك من خلال لجنة السوق الخليجية المشتركة التي تقوم على تقييم خطوات تنفيذ السوق ورفع توصياتها وتقاريرها للجنة وكلاء وزارات المالية تمهيداً لعرضها على لجنة التعاون المالي والاقتصادي، وبحث كل ما يتعلق بالسوق الخليجية المشتركة، خاصة ما ورد في المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية، ومناقشة آليات تسوية الخلافات المتعلقة بتنفيذها فيما يتعلق بالسوق الخليجية المشتركة.
وتهدف هذه السوق إلى تحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في ممارسة الأنشطة الاقتصادية، وتنقل رؤوس الأموال، والاستثمار بجميع أنواعه، والعمل والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية في جميع دول المجلس.