Al Jazirah NewsPaper Monday  29/12/2008 G Issue 13241
الاثنين 01 محرم 1430   العدد  13241
كونداليزا رايس.. وتحديد الهدف!
د. سعد بن عبد القادر القويعي

اعترفت - وزيرة الخارجية الأمريكية - كونداليزا رايس في مقابلة لها مع وكالة - فرانس برس - قبل أيام، وبعد ثماني سنوات من تولي جورج بوش الرئاسة: (أن شعبية الولايات المتحدة الأمريكية في العالم العربي ليست ممتازة).

وأضافت: (أدرك أن العرب يعتبرون جزءاً من علاقتهم مع الولايات المتحدة الأمريكية فترة إهانة وقلة احترام).

بهذه العبارات التي أطلقتها كونداليزا رايس تكون قد رسمت معالم الوجه الأمريكي القبيح، الذي نضحت بثوره بالفساد، وظهر بصورة فجة وبشكل قبيح بعد انفرادها بالهيمنة على العالم كهدف نهائي سعت إليه، من أجل الحفاظ على مصالحها، ومن ذلك: إعادة ترتيب المنطقة وفق الرؤية التوراتية غير القابلة للتأجيل، وفرض النظام (الديكتا قراطي) الجديد لتحقيق أهدافها. فدفعت بتسويق المشروع الأمريكي سواء في أفغانستان أو العراق، وضربت بحقوق الإنسانية عرض الحائط بعد أن انسحبت من اللجنة الدولية لحقوق الإنسان.

وقد صدر في الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف أغسطس 2001 م تقرير يسمى (تقرير ستراتفور)، أكد من خلاله على أن التحدي الحقيقي الذي تواجهه الولايات المتحدة الأمريكية هو حالة الاستياء الشديدة المنتشرة في شتى شرائح المجتمعات العربية والإسلامية من السياسات الأمريكية التي زادت من حدة الكراهية، وأحيت كوامن التحدي. وفسر التقرير الإصرار الأمريكي على ضرب العراق على الرغم من معارضة دول العالم، وبخاصة الحليفة منها لأمريكا، بأنه: (يهدف إلى خلخلة النفسية الإسلامية وإصابتها بالإحباط واليأس، وإشعارها بالعجز الشديد عن إمكانية تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة في العاجل أو الآجل، أو معارضة مشاريع الأمركة السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية).

إن الإرهاب الأمريكي باعتباره إرهاب دولة هو من أخطر أنواع الإرهاب، لاسيما وقد سيطر على عقول الساسة الأمريكيين وفي مقدمتهم جورج بوش، مفهوم (صراع الحضارات) الذي ألفه (هنتنجتون)، و (نهاية التاريخ) الذي ألفه (فوكو ياما). فمحال ألا يكون قصف أفغانستان وتفكيكه، من أجل الحصول على ثروات بحر قزوين إلا إرهاباً. ومحال ألا يكون تدمير العراق والعدوان عليه واحتلاله، من أجل السيطرة على النفط الخليجي إلا إرهاباً. كما أن الإرهاب الأمريكي هو الذي شجع الاحتلال الصهيوني لحصار غزة، لمصادرة المزيد من الأراضي، وإسقاط المقاومة الفلسطينية، فظهرت مقدمات كارثة إنسانية. والإرهاب الأمريكي هو الذي اعتقل سراً آلاف الأبرياء، وزج بهم في معتقلات ظلامية، في كوبا والعراق وأفغانستان، دون توجيه اتهامات لهم، واستخدم جميع أنواع التعذيب، ومنها: الاغتصاب، واستخدام الكلاب، والضرب بالكهرباء، والقتل خلال الاستجواب. فهل يحق لأمريكا أن تتساءل بعد ذلك كله: لماذا يكرهوننا؟. خصوصاً بعد أن ظهر الوجه الصليبي الحاقد على حقيقته الكامنة بلا تزييف أو تظليل، ومارست أبشع ألوان الجبروت والطغيان.

وبعيداً عن الجدل الدائر في أسباب الحادي عشر من سبتمبر، فإن الحروب التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية كانت بداية لمرحلة أمريكية في الحرب على المنطقة، تحت ذريعة حماية الأمن القومي الأمريكي. خصوصاً بعد تفردها على قمة القطب الأوحد في قيادة العالم، فانحازت إلى الأساليب العسكرية بدلاً من الأساليب السلمية، لتحقيق مشروعها الخاص في الشرق الأوسط، واستغلالاً للمبدأ المعروف في علم الاستراتيجية الذي طالما تغنى به جورج بوش ب(لحظة الاقتناص)، أو (استغلال الفرص السانحة). والتي تعني الاستمرار في تهيئة الظروف للخطط حتى يجيء آوان تنفيذها، ولو استغرقت التهيئة عشرات السنين. وهو ما أشارت إليه مؤسسة (هيرتاج) التي تعد أهم مراكز البحوث المتخصصة في الفكر والتخطيط السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية.

drsasq@gmail.com


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد