المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف صرح لجريدة (النهار) الكويتية بأنه لا يمانع من وجود المد الشيعي، مبرراً ذلك أن 56 دولة في منظمة المؤتمر الإسلامي سنية، فلماذا التخوف من إيران وهي الدولة الوحيدة في العالم الشيعية. كما أيَّد برنامج إيران النووي حتى لو كان بغرض إنتاج قنبلة نووية. وحول تأثير البرنامج النووي الإيراني على أمن الخليج، قال عاكف: (أليست هناك باكستان القريبة من الخليج وكذلك الهند فلماذا إيران بالذات؟). وفي جريدة (الشرق الأوسط) اللندنية عدد يوم الخميس الماضي، أكد عاكف أن: (الإجابة صحيحة وبلا تحريف)، مشيراً إلى أن ما قاله: (تأييد عام لمبدأ عام، رغم أنه لا توجد قنوات اتصال مع إيران، إلا أننا نرحب بوجودها، وليس لدينا ما نخفيه فنحن نقول الصواب صواب والخطأ خطأ).
وهذا يؤكد ما كنا نقوله ونردده ومؤاده أن جماعة الإخوان المسلمين، لديهم (أجندة) خاصة، تكتنفها كثير من الاعتبارات والحسابات، التي تتعارض مع مصالحنا واستراتيجياتنا؛ فالأولوية لمصلحة التنظيم السياسية وليس للأوطان. ولعل موقف جماعة الإخوان هذا، الذي جاء على لسان من يقف على قمة هرم التنظيم، موقف واضح وجلي يؤكد هذه الحقيقة. إيران هي الخطر الأول بالنسبة للمملكة ودول الخليج، ومع ذلك ها هم، وعلى رؤوس الأشهاد، يعلنون أن أمن منطقتنا لا يعنيهم، ولا يكترثون به، بل المعنيون به (باكستان والهند) كما جاء تلميحاً في تصريح المرشد، بمعنى أن أمن الخليج - إذن - لا يدخل ضمن أولوياتهم، في مقابل مصالحهم السياسية التي لا تعترف إلا بوصولهم إلى السلطة، حتى وإن كان ثمن ذلك أن يكونوا مخلب قط للسياسة الإيرانية التوسعية.
وبودي أن أعرف رأي الدكتور يوسف القرضاوي، الذي خرج من تحت عباءة الإخوان، وهو الذي أثار قبل فترة قضية التوسع الشيعي في المنطقة، وحذّر منه. الدكتور القرضاوي - ربما - هو المعني الأول بهذا التصريح، وهو المعني كذلك باتخاذ موقف (حازم) منه، خصوصاً وهو يحمل جنسية إحدى دول الخليج، الأمر الذي يجعل الذب عن الخليج وأمن الخليج في مواجهة التحالف الإيراني الإخواني أمراً يحتمه عليه الوفاء والولاء للجنسية التي يحملها، فالسؤال الذي تثيره هذه القضية: هل الولاء للتنظيم - أولاً - أم للأوطان؟
وفي تقديري أن هذا التصريح غير المدروس سيزيد من تشرذم جماعة الإخوان، وانشقاقاتها، فقد ظهر الآن أن المحافظة على توجه سياسي واحد للتنظيم هو من المستحيلات لتضارب المصالح وتضادها. فإخوان الخليج يستشعرون الخطر الإيراني أكثر من غيرهم، في حين رجحت الجماعة الأم مصلحة فصيل حماس الإخواني، وعلاقته مع إيران، على مصالح المنتمين للتنظيم من الخليجيين.
ملحق على جنب:
القارئ (صالح بن مقبل بن عبد الله العصيمي التميمي) - كما عرف بنفسه - اعترض عليّ، وسفّه برأي الدكتور القرضاوي الذي أوردته عن الاختلاط، مدعياً أن لفظ (اختلاط) ورد في التراث، وترتب عليه حكم (فقهي) وهو المنع. لن أدخل مع المذكور في جدل، كل ما أطالب به - يالعصيمي التميمي - أن يعطى الجميع حرية الاختيار، طالما أن القضية قضية خلافية، ولا يفرض رأي القرضاوي أو رأي مخالفيه في مثل هذه القضايا الخلافية، أما استشهادي برأي القرضاوي رغم أنني أختلف معه أحياناً، فلا ضير في ذلك فكل يُؤخذ منه ويرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم. هذا كل ما هنالك أصلحك الله. إلى اللقاء.