نحن السعوديون لسنا كلنا مجتمعا واهنا أو هشا أو رقيقا أو قابلا للطي أو للكسر أو كسولا أو غير منتج أو غير فعال أو غير مدرك لما يدور حوله، ولا كلنا يعيش على الهامش أو كلنا يتسكع على الأرصفة أو من رواد المقاهي المنتشرة على أطراف المدن أو ال(الكوفي شوب) المنتشرة في وسط المدن أو يمارس ال(الهجوله) جيئة وذهاباً بسبب أو بدون سبب،
ولا كلنا يفرط في الوقت ولا يستغل لحظاته، ولا كلنا يمارس سياحة اللهو والعبث عبر الحدود بعيداً عن سياحة العلم والمعرفة، ولا كلنا مجتمع منطوي مغلق ومنعزل يقتات على السيئ من الماضي ويعيش عليه، ولا كلنا مجتمع يلهث وراء القنوات الفضائية يرسل (المسجات) ويشارك في (الشات)، ولا كلنا مجتمع مغفل يستغله الآخرون للوصول إلى أهدافهم المسمومة والمرسومة والمحددة سلفاً، بل نحن مجتمع متنوع الثقافات والمشارب والعادات والتقاليد والأصول والفروع والمنابت، ولنا صفة بشرية وجودية على سطح المعمورة، ولنا تعارف وتنوع، والمجتمع السعودي واحد من المجتمعات الحية والدؤوبة، فهو نتاج موقع استراتيجي بحسب جغرافية منحته أن يكون عريقاً ومتنوعاً منذ الأزل وماسكاً بعصب الحياة وموغلاً فيها، والمجتمع السعودي له اسمه ورسمه وبيئته ومعتقده ونمطه وسلوكه وبلده وكلها علامات دلالية ترسم هيكلته وتجعله علامة مميزة عن بقية أقرانه من المجتمعات الأخرى الذين هم بالضرورة يمتلكون مثل هكذا دلالات وعناوين، لكن الدلالات والعناوين تختلف من مجتمع لآخر أرضاً وهوية. إن إنجازنا كسعوديين خلال العقود الماضية هو خطوات مهمة على طريق التحديث والتنمية البشرية الاقتصادية والإصلاحات الإدارية والتربوية والاجتماعية المتنوعة وهي إنجازات ذات نهج متكامل يضعنا كسعوديين في موضع القادر على مجابهة التحديات المعاصرة، إننا كمجتمع سعودي لدينا نخب ثقافية وعلمية متميزة بصورة فردية أو جماعية ونملك الحوار الحضاري مع الذات أولاً ومع الآخر ثانياً، إن لدينا كمجتمع سعودي حي ونام باباً مفتوحاً على مصراعيه للحوار، ولدينا قوة ثقافية موحدة وقادرة على مواجهة نزوع الآخرين المتزايد لتهميشنا وإبعادنا عن القرارات المصيرية التي تتعلق بمستقبل أمتنا وثقافتنا وكثيراً ما يتم التعامل معنا كمجتمع سعودي بنظرة أقل من المأمول والمرجو، لكننا مع ذلك نسير واثقين وفق معطيات حديثة في الحوار وفي المعرفة للوصول إلى الأهداف والمقاصد الناجحة التي نريدها بدون أدنى التفات للأصوات السيئة والمقيتة، ومن الغني عن التعريف أننا نسبق الآخرين في كثير من الأحيان ولنا تميزنا الذي نطرحه سواء كان دينياً أو عقائدياً أو في تبني الدولة المدنية الحديثة ووضع الاستراتيجيات والنظريات، وقادرون على تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية المستدامة مع الحفاظ على الخصوصيات والموروثات العريقة للمكونات السكانية التي تعيش متباعدة أو متقاربة على أديم هذا الوطن العملاق، وهذا لم يحدث إلا عندما ابتعدنا كثيراً عن كل أشكال التعصب والتقوقع والعنصرية ورفض الآخر أو الإساءة إلى تراث الآخرين الروحي والثقافي وبالتالي اندفعنا نحو العالم بروح مفعمة قادرة على مواجهة التحديات.
ranazi@umc.com.sa