تعقد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وعقود الخدمات والاستشارات بين الجامعات من أجل التعاون الأكاديمي والبحثي والإداري والاستشاري ... الخ، ومن الأهداف المنوطة بجامعاتنا أن تتعاون و تتكامل فيما بينها، لتشكّل شراكة معرفية حقيقية من أجل تنمية وطننا. وما الاتفاق .....
........التعاوني في مجال البحث العلمي مؤخراً بين جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز، وبرعاية ودعم من وزارة التعليم العالي إلاّ دليل على ذلك.
في هذا المقال، وفكرته كما يبدو من العنوان، هو تعاون من نوع آخر - ربما يغيب عن البعض - هو تعاون أدبي، أو التزام أخلاقي بين جامعاتنا يكرس الاحترام بينهم والتعاون البنّاء من أجل وطن واحد، وذلك بعدم استقطاب الكفاءات - غير الوطنية - الموجودة بجامعة جديدة، لجامعة قائمة، أو مراكز أبحاث محلية.
إنّ الجامعات الجديدة - الناشئة - تبذل جهداً مضاعفاً لاستقطاب كفاءات علمية وعالمية في حدود أنظمة التعليم العالي، وحسب ما هو متاح من إمكانيات مادية. إن الانتقال الداخلي بين الجامعات له أسباب عدة منها: تلجأ بعض الجامعات الجديدة، في ظل نقص الكفاءات الوطنية، لإرسال من يمثلها من هؤلاء الكفاءات في بعض الندوات أو ورش العمل - وهي ظاهرة صحية عالمية - التي تعقد في جامعات قائمة أو تحتاجهم للتواصل والاطلاع على الإمكانيات والتجهيزات في الجامعات القائمة للاستفادة، ومن خلال ما يراه (الزائر) من إمكانيات متطورة وحديثة، لدى هذه الجامعات، تغري اللبيب، ربما تحصل بعض المفاهمات الجانبية والشخصية خلال زياراتهم وإمكانية انتقالهم، ووجود مغريات أخرى له ولعائلته كالبيئة المكانية المناسبة، سواء تعليمية أو دينية أو حضارية، والإغراءات المالية الموجودة في الجامعات القائمة كوفورات البحوث، أو أخرى تجعل راتبه أضعاف ما يستحقه بالجامعة الجديدة وغير موجودة فيها.
هي أسباب - بالتأكيد - تجعلهم فرصاً ثمينة وصيداً سهلاً لمن يريدهم بعد معرفتهم بالسوق الجامعي السعودي ومغرياته، وكما قيل: (البضاعة الجيدة تبيع نفسها).
ومن الحلول للحفاظ على هذه الكفاءات - غير الوطنية - في الجامعات الجديدة، أرى:
- اتفاق أدبي أو التزام أخلاقي (أو كلمة شرف) بين الجامعات بعدم السماح بالانتقال من الجامعة الجديدة لجامعة قائمة.
- زيادة تعطى لمن ينضم للجامعات الجديدة من الكفاءات المتميزة غير الوطنية وبضوابط من خلال صندوق التعليم العالي أو غيره، إن أمكن.
- الاستفادة من تلك الكفاءات من خلال البحث المشترك أو الإشراف المشترك على طلاب الدراسات العليا من قبل الجامعات القائمة خاصة بتوفر الاتصال الإلكتروني، هذه الخطوة ستكون لها نتائج إيجابية على الجامعات الجديدة، وستكون عنصراً فعالاً لاستقرارهم.
- تسهيل وتسريع حصولهم على دعم أبحاثهم - ذات الجودة - سواء من الجامعة أو جهات أخرى كمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهذا يضمن لهم دخلاً إضافياً ويحقق رغباتهم البحثية، و يبرز اسم الجامعة والوطن إقليميا أو دولياً من خلال نشر أبحاثهم.
ربما قارئ فطن يقول: من الممكن للجامعة أن ترفض انتقاله - عادة الذي يحصل على الإغراءات هو الأستاذ المتميز - لكن لعدم الموافقة له ربما تكون له نتائج سلبية معنوية على عمله بالجامعة، ويفقده الوطن بدل الجامعة، من حيث الإنجاز الكلي، لكن وجود مظلة نظامية أدبية بين الجامعات، يساعد الجامعة بأن لا تكون في موقف حرج مع هذا الأستاذ - ومنهم من يستحق الاحترام والتقدير ويحترم النظام. وقد يقول آخر: انتقاله لتلك الجامعة خدمة للوطن، أوافقك الرأي: لكن، إذا كانت تلك الجامعة بحاجته وهي تملك كفاءات علمية وإدارية وإمكانيات مالية لاستقطاب الأفضل، فإن الجامعة الجديدة هي بأمس الحاجة له لأنها تمر بمرحلة تكوين وتأسيس - وهي مرحلة مهمة جداً - لتصبح جامعة متميزة و بالتأكيد خدمة للوطن.
ما أخشاه أن تكون الجامعات الجديدة بيئة محلية للبحث عن الكفاءات العلمية - غير الوطنية - المتميزة وهي بحاجة لهم!، كتبت هذا المقال استباقاً، لربما قد يحصل مستقبلاً، والله من وراء القصد.
فاصلة
(لا تتأخرْ عن كلمة الحق بحُجَّةِ أنها لا تُسْمَعُ ؛ فما من بذرة طيبة إلا ولها أرضٌ خصبة).
عميد كلية الهندسة جامعة الجوف
Hamed_100@hotmail.com