لا يمكنأن تُفصل أرقام ميزانية الخير التي أُعلن عنها عن واقع المواطنين المحسوس. فالأرقام الضخمة تظل كذلك ما لم تتحول إلى مشروعات منجزة يشعر بوجودها المواطن والمقيم، وتستفيد منها قطاعات الاقتصاد. لسنوات مضت وميزانيات الخير تتوالى على هذه البلاد الطيبة، نفرح بها وندعو الله أن يبارك فيها وأن يجزل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير سلطان المثوبة والعطاء نظير إصرارهما بجعل المواطن محور مصروفات الميزانية وتقسيم مشروعاتها.
في كل عام، وبعيد الإعلان عن الميزانية، هناك رسالة مختصرة يوجهها الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوزراء الحكومة محملة بالمعاني الشاملة، والمسؤوليات الجسام تتضمن الحث على الإنجاز، وتفعيل الرقابة، وإبراء الذمة بتحويل مسؤولية الإنجاز إلى الوزراء بعد تهيئة الظروف لهم، وتقديم الأموال اللازمة لإنجازهم المشروعات المقترحة.
هذا العام أوصى الملك عبدالله الوزراء ب (بالمراقبة، ووضع آلية لتسريع تنفيذ المشاريع) وهي الوصية التي يفترض أن يبدأ بها الوزراء برامجهم. ليتحسس المواطن البسيط آثار الميزانية على حياته المعيشية، ومحيطه الجغرافي، في وقت يتلمس فيه الزائرون، خاصة الحجاج والمعتمرين، انعكاسات أموال الميزانيات الضخمة على المطارات، المنافذ البرية، الطرق، والتطور المدني بشكل عام. الواقع المحسوس هو ما يترجم معاني أرقام الميزانية وليس العكس.
الحقيقة أن مجمل الإنجاز ما زال أقل بكثير عن الإمكانيات المالية الضخمة؛ تكدس المشروعات، بطء الإنجاز، وتدني جودة التنفيذ باتت السمة البارزة للأداء العام.
أعتقد أن الرقابة والإنجاز لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال أدوات إشرافية محددة يفترض أن تكون من مهام بعض المؤسسات التي أنشأت للمساعدة في تحقيق الكفاءة الرقابية، والمشاركة التنظيمية والتشريعية بما يضمن تطوير الأداء، وتحقيق إنجازات مضاعفة مقارنة بما هي عليه الآن. تحديد مدد زمنية لإنجاز المشروعات، وتعيين خبراء واستشاريين تابعين لهيئة مستقلة مرتبطة برئاسة مجلس الوزراء، للإشراف على تخطيط، طرح، وإنجاز المشروعات يمكن أن يحقق الكثير من التطوير في آلية الإنجاز وكفاءة التنفيذ. ينبغي أن يتم الفصل بين الوزارات ومرجعية الإشراف لضمان استقلالية الرقابة، وحيادية التقييم، بحيث يمكن من خلالها قياس الأداء الوزاري بعمق وفق معدلات الجودة والإنتاجية.
المراقبة وآلية التنفيذ هما القاعدة الصلبة التي يمكن من خلالهما تحقيق الكفاءة والجودة وتحقيق المنفعة التامة لكل ريال يُصرف من حسابات الدولة. كُليمات شدد عليها ولي الأمر وحمّل مسؤوليتها الوزراء نسأل الله أن يعينهم على أدائها، وأن يوفقهم لتحقيق تطلعات الوالد القائد وأمنيات المواطنين.
f.albuainain@hotmail.com