للكلام شهوته كما سلطته، وتسبقُ بعضَنا ألسنتهُم كما أقلامهم، وربما غابت عنا حقائق وغامت رؤى وسط رغبة التصدّر فضللنا وربما أضللنا.
- هكذا يتوهم الخطيب والمذيع والكاتب أن المتلقين عنصر سالب لا يملكون غير التأمين (القطيعي) دون أن يدرك أن المتغيِّرات الاجتماعية والثقافية قد أوجدت دواخل ناطقةً وإن صمتت خوارجها.
- لم تعد الوسائط التقليدية سائدة بل مسودة، وباتت المنتديات الإلكترونية منتديات تفاعليّة تطرح الرأي وتستقبلُ ضدّه، ونعجبُ حين نجد فينا من لم يدركْ أن شباب الإنترنت قد تجاوزوا شيوخَ الإعلام، دون أن يعفيهم ذلك من نواقض الموضوعية في التخفي وأحياناً التشفي؛ ما يسيءُ إلى مصداقيتهم.
- يتوقع الباحثون نمو شبكة الإنترنت؛ فبينما كانت تخدم مئة وثمانين مليون مستخدم قبل عشرة أعوام، فإن المستفيدين منها (2010م) سيتجاوزون مليار مستخدم، وبذا فإن خارطة الاتصال بعناصرها المعروفة قد باتت من نظريات الأمس؛ حيث تبادل المرسل والمستقبل دوريْهما، ولم تعد مصادر التشويش قادرة على إعاقة البث.
- قبل سنوات طويلة تتجاوز نصف قرن توقع الأستاذ حمزة شحاتة 1908-1972م -عليه رحمةُ الله- أن تنتقل الأفكار عن طريق التواصل العقلي المركز بحيثُ لا يكون الكلام هو الوسيط بل الصمت، ولو عاش (أبو شيرين) لرأى نظرته تتحقق؛ حيث التوحد بلوحة المفاتيح والشاشة والأسماء الخاصة والأرقام السريّة وحوار الدوائر الإلكترونية.
- فكِّروا في الجيل الناشئ الذي قد يتابع رموزاً شبكية لا يعرفُ خلفياتها المعرفيّة والاجتماعيّة ولا انتماءاتها العرقيّة والمذهبيّة، وقدروا كيف تبدلت مواقع التأثير بين المعلن والمغلق والشيخ والصبي والرمز والجماهير، وادعوا لمن لا يؤمنون بحركة الأدوار فإنما يهتفون لأنفسهم.
- الأرض تدور.
Ibrturkia@hotmail.com