الخوض في هذا المصطلح أو تناوله كقضية غير وارد هنا، ذلك أن هذا الموضوع في مختلف فنونه تناوله الدارسون والنقاد، لكن مما يلفت النظر، ويسترعي الانتباه، ويدعو للتساؤل أن بعض مؤسساتنا التعليمية، ومنها جامعة (الإمام محمد بن سعود الإسلامية) لم تدع هذه القضية تطرح أمام الدارسين كظاهرة من الظواهر الأدبية، أو الفنية، بل كرّست هذا الاختلاف، وزادت من ضراوته حين نقلت المعارك الأدبية، أو ما يمكن تسميته تجّوزا بالصراع إلى واقع عملي في الهيكل الإداري، وقد تمثل ذلك حين ألحقت (منهج الأدب الإسلامي) بأحد أقسامها الأكاديمية، في حين حمل قسم آخر، في ذات الكلية (قسم الأدب)، فاستقل للأسف كل قسم بشؤونه الإدارية والتعليمية، فكان ذلك بداية الانشطار والتصنيف الذي لم يقتصر على المضامين الأدبية، بل تعدى للشخصيات في أوساط الأكاديميين، وخارجهم، ووقع ما كان قد يخشاه المعارضون. كل هذا حدث أو قد يحدث في جامعة إسلامية، وفي بلاد تحكم بشريعة الإسلام.
* حتى لا نظلم هذه المرحلة التي تعيشها جامعة الإمام (محمد بن سعود) لابد أن نشير أن هذا التقسيم والتصنيف العلمي إن صحت التسمية مورس منذ ما يقارب (ثلاثة عقود) ولا يزال للأسف قائماً إلى يومنا الحاضر، رغم كل ما نسمعه عن رياح التغيير والتطوير، والإصلاح والتجديد التي تمر بها الجامعة.
* لا أحد يختلف أن هذا المصطلح مستورد ومجتلب، ولد خارج رحم هذه البلاد، في بلاد تتنازعها عدة مذاهب وتيارات وقوميات، وربما حورب فيها الإسلام، أو ضيّق عليه، وكل هذه الأسباب لا توجد لدينا بفضل الله، إذن لماذا نختلق ونرفع الرايات دونما عوامل تستدعي ذلك؟. ورغم التنبه المبكر لما ستحدثه هذه المصطلحات إلا أن الأصوات التي ناوأت الفكرة في نشأتها من أدبائنا لم تستطع الصمود أمام قوى أخرى لا ندخل في نواياها، إنما قدر لها أن تتحكم في مفاصل القرار آنذاك.
* نحن في هذه البلاد، ومنذ أن تمّ التوحيد على يد المغفور له (الملك عبد العزيز) والدولة قائمة في كافة شؤونها على الشريعة الإسلامية، تستلهم مبادئها، وقيمها، وأهدافها وغاياتها، والأدب أحد هذه الأوعية التي يجب أن تتسع لأي مضمون، ومؤسساتنا الأكاديمية ومجالسها التعليمية وأساتذتها قادرون على الإبداع واختيار المضامين النبيلة والسامية، القادرة على تشكيل الشخصية الإسلامية المتزنة في كافة مناهجها، وتقييمها وفق منهج الإسلام. ولسنا بحاجة إلى من يختلق مصطلحات واتجاهات قد لا يخدم مسار هذا المجتمع، أو ربما جرنا كما حدث بالفعل عندنا وعند غيرنا إلى أحزاب، أو تصنيف عانينا ولا زلنا نعاني منه. والمتأمل لحديث سمو (وزير الداخلية) مع منسوبي الجامعة في هذا الجانب يغنيه عما يجب أن نلتفت إليه هنا.
* التغيير يحتاج إلى جرأة وشجاعة، والجامعة وقد عرف عنها الاعتدال والوسطية عبر تاريخها تحاول أن تواكب العصر، وتسعى جاهدة كغيرها من المؤسسات في تعزيز الأمن الفكري بجميع محاوره، وسد الثغرات التي قد تتسرب منها بعض الأفكار، ومن الصعوبة أن تتجاهل أو تتغاضى عن تلك الفجوات، فلا وقت للمجاملة والمحاباة، والشفافية والوضوح، ومصلحة المجتمع والوطن مقدمة على أي اعتبار، وللشر منافذٌ حريٌ بنا إغلاقها.
* هذه القضية ليست مبنية على السماع أو الظنون, فقد قدر لنا أن ندرس في معاهد هذه الجامعة، وأن نواصل فيها التعليم في كافة مراحله، وبالتحديد في قسم (الأدب)، وطبيعي أن يلحق بالدارس شيء من ذلك التشظي بطريق أو آخر. ا - هـ
dr-alawees@hotmail.com