الجزيرة - الرياض
أكد الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري رئيس اللجنة المنظمة لملتقى الجمعيات العلمية المتخصصة في العلوم الشرعية، أن الأوقاف تعتبر من أهم الروافد لعلاج مشكلة ضعف الموارد المالية للجمعيات، وقال في حوار أجرته معه (الجزيرة): إن تنظيم الملتقى كان نتاج مبادرة من الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه من أجل التنسيق بين الجمعيات الوطنية المتخصصة في العلوم الشرعية ودعم قدراتها لتحقيق أهدافها الوطنية والعلمية وإيصال رسالتها للمجتمع، مشيراً إلى موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على إقامة الملتقى؛ فإلى الحوار:
* بناءً على موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تنظم الجمعية العلمية للقرآن الكريم وعلومه أول مؤتمر من نوعه للتنسيق بين الجمعيات المتخصصة في العلوم الشرعية.. فماذا تقول عن ذلك؟
- موافقة خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - على طلب الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه بعقد الملتقى التنسيقي الأول للجمعيات العلمية المتخصصة في العلوم الشرعية غير مستغرب، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دائماً سباق إلى كل ما من شأنه خدمة القرآن الكريم وعلومه والعلوم الشرعية بصفة عامة، وهنا أقول إن الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه قامت بإصدار فيلم وثائقي مدته نصف ساعة بعنوان: (ملامح من تاريخ التفسير في المملكة العربية السعودية) يظهر من خلاله مدى عناية ملوك هذه البلاد المباركة بالقرآن الكريم وتفسيره وعلومه بصفة خاصة، وقد ظهرت هذه العناية في صور كثيرة مثل طباعة المصحف الشريف وتوزيعه على مستوى العالم، وطباعة كتب التفسير الكبار ونشرها، وإنشاء مدارس تحفيظ القرآن الكريم وغير ذلك من صور خدمة القرآن الكريم والعلوم الشرعية، ونحن في الجمعية العلمية للقرآن وعلومه وبقية الجمعيات المشاركة نشكر هذه الموافقة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين ونرجو أن نكون عند حسن الظن في ظهور هذا الملتقى بالشكل المطلوب، وتحقيقه لأهدافه التي نتطلع إليها، وتحقيق التوصيات التي يخرج بها إن شاء الله.
* وما أبرز أهداف الملتقى، وما الذي يمكن أن يضيفه التنسيق بين الجمعيات الوطنية المعنية بالعلوم الشرعية؟
- التنسيق بين الجهات المشتركة في بعض الأهداف مطلب إداري وعلمي وإسلامي، حيث يأتي من باب قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}، ومثل هذه المؤتمرات التنسيقية تسعى لتحقيق هذا التعاون الذي يمكن أن يكون له أكثر من صورة، فمن أبرز الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها في هذا الملتقى:
أولاً: تنسيق الجهود في خدمة التخصصات الشرعية تحقيقاً للتكامل بين الجمعيات العلمية السعودية المتخصصة في هذه العلوم، وهي - حتى الآن - ست جمعيات هي: الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، ومقرها كلية أصول الدين بجامعة الإمام، والجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها، ومقرها كلية أصول الدين بجامعة الإمام والجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والمذاهب، ومقرها كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والجمعية الفقهية السعودية، ومقرها كلية الشريعة بجامعة الإمام، والجمعية العلمية السعودية للدراسات الدعوية، ومقرها كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام، والجمعية العلمية السعودية للقضايا الفكرية المعاصرة، ومقرها كلية الشريعة بجامعة القصيم.
ثانياً: عرض التجارب وتبادل الخبرات بين هذه الجمعيات العلمية.
ثالثاً: التعرف على واقع الجهات المشاركة والمشكلات التي تواجهها.
رابعاً: توثيق التعارف وبناء جسور التعاون بين القائمين على الجمعيات العلمية المتخصصة في العلوم الشرعية.
وفي تصوري أن مثل هذه الملتقيات والمؤتمرات المماثلة التي تسعى لتنسيق الجهود بين الجمعيات المتمامثلة سواءً كانت جمعيات علمية أو مهنية يؤدي إلى مزيد من النجاح لهذه الجمعيات، ويختصر عليها الكثير من الجهود، وربما الكثير من التكاليف المادية أيضاً، فمعظم برامج هذه الجمعيات قريبة من بعضها، وتسعى لتحقيق أهداف واحدة.
* في ضوء تجربتكم.. ما مجالات التنسيق المتاحة بين الجمعيات المتخصصة في العلوم الشرعية على اختلاف تخصصاتها؟
- مجالات التنسيق كثيرة، وتتجدد يوماً بعد يوم بتجدد برامج ومشروعات هذه الجمعيات، وسوف تقدم ورقة عمل خلال الملتقى للحديث حول هذه المجالات، ولكنني أقترح من ضمن مجالات التنسيق بين هذه الجمعيات ما يلي:
- التنسيق في إيجاد أوقاف خاصة بالجمعيات العلمية المتخصصة في العلوم الشرعية تخصصها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف لهذه الجمعيات، ويصرف ريعها لميزانيات هذه الجمعيات، بحيث لا يقل نصيب كل جمعية سنوياً عن خمسة ملايين ريال، حتى تتمكن من إقامة أنشطتها في خدمة المجتمع بشكل جيد ومستمر وفاعل.
- التنسيق في الجانب الإعلامي مع القنوات الفضائية والإذاعات والصحف، بحيث تخصص هذه الوسائل برامج إعلامية مشتركة، تتعاقب هذه الجمعيات على تقديمها وإعدادها، وسيكون اجتماع هذه الجمعيات في المطالبة أدعى لتجاوب هذه الوسائل الإعلامية معها، وتخصيص البرامج المطلوبة لها.
- إقامة مجلس تنسيقي دائم للجمعيات العلمية المتخصصة في العلوم الشرعية يضم ممثلاً عن كل جمعية يكون لساناً لهذه الجمعيات، ويعقد اجتماعات دورية لدراسة احتياجات هذه الجمعيات المستجدة، والسعي لتوحيد المطالبة بها، وهي كثيرة ومستمرة، وفي تصوري أننا في السعودية وربما في العالم العربي أيضاً، نفتقد لمثل هذه التجمعات العلمية المتخصصة الفاعلة في حقولها، بحيث تجد الفئات المستهدفة أثراً واضحاً لهذه الجمعيات في واقعها تلمسه من خلال المطبوعات والبرامج العلمية والإعلامية وغيرها التي تخدم التخصص نفسه والمتخصصين أيضاً.
* من خلال خبرتكم ما أبرز المشكلات التي تواجه الجمعيات المتخصصة في العلوم الشرعية، وكيف يمكن تجاوزها؟
- النقد للأعمال أمر سهل، غير أن ممارسة العمل والوقوف على تفاصيله تدلك على مدى الصعوبات والمشكلات التي تعترضه، غير أنها ليست عائقة للعمل لمن يملك الإرادة الصادقة والرغبة الجادة في النجاح، ومن خلال تجربتي القصيرة خلال عملي عضواً في مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه خلال السنوات الثلاث الماضية ظهرت لي بعض المشكلات، ومن أبرزها:
- شح الموارد المالية للجمعيات، فاشتراكات الأعضاء لا تكفي لعمل جاد مثمر، وإنما هي مبالغ زهيدة جداً ربما لو أعفي الأعضاء منها لما تأثرت الجمعيات بذلك، فلا أظن أن جمعية من هذه الجمعيات استطاعت أن تصنع شيئاً ذا بال من خلال اشتراكات الأعضاء، لقلة الأعضاء من ناحية، وقلة مبالغ الاشتراكات من ناحية ثانية، وقلة من يستمر في تسديده للمبلغ من ناحية ثالثة، ولابد للجمعيات من موارد مالية ثابتة أبرزها الأوقاف المستمرة للجمعيات كما أشرت في بداية حديثي هنا، وقد سعت الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه جاهدة منذ سنوات للحصول على وقف ثابت يدر ما لا يقل عن مليون ريال سنوياً، وقطعت في ذلك شوطاً لا بأس به بدعم مشكور من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض ورئيس أعضاء شرف الجمعية، حيث خاطب باسمه شخصياً عدداً من أعضاء شرف الجمعية وكبار رجال الأعمال في الرياض، ومازلنا ننتظر اكتمال هذا الدعم لشراء الوقف إن شاء الله قريباً، وقد شارك في هذا الوقف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد آل سعود أمير المنطقة الشرقية - وفقه الله - حيث تبرع للوقف بنصف مليون ريال فجزاه الله خيراً.
- غياب العمل المؤسسي عن هذه الجمعيات، والضعف الإداري لهذه الجمعيات، فكلها تقريباً لا تملك إلا موظفاً إدارياً واحداً ذا راتب متدن، وهذا لا يمكنه النهوض بالجمعية وإنجاح مشروعاتها.
- ضعف التعاون مع الجمعيات من قبل المتخصصين، فكثير منهم لا يشاركون في أنشطة الجمعيات، ولا يتواصلون معها، في حين أنهم يكثرون العتاب لها ونقدها، وهذا أمر مستغرب، فنجاح الجمعيات لا يكون إلا من خلالهم فهم القائمون عليها من جهة والمستفيدون منها من جهة أخرى.
- التعقيدات الإدارية التي تواجه بها طلبات هذه الجمعيات في جامعات المقر، حيث تجد كثرة التعاميم المقيدة لأنشطة هذه الجمعيات فعندما ترغب في إقامة أي منشط من مناشطها، وهو ما يؤدي إلى عزوف هذه الجمعيات عن بعض الأنشطة، في حين أنه كان ينبغي على هذه الجامعات أن تكون معينة لهذه الجمعيات على النجاح والعمل.
* هل ثمة مقترحات لعلاج مشاكل ضعف الموارد المالية التي تواجه الجمعيات المتخصصة في العلوم الشرعية؟
- في رأيي أن حل هذه المشكلة يكون بدراسة وسائل التمويل المتاحة وهي كثيرة، منها:
- الأوقاف فتجتمع هذه الجمعيات المتخصصة في العلوم الشرعية في المطالبة بأوقاف خاصة بها جميعاً أو بكل واحدة على حدة، بحيث يضمن لها استمرار دخل سنوي مجز.
- مخاطبة رجال الأعمال الكبار بتخصيص مبالغ سنوية لهذه الجمعيات.
- مطالبة الشركات الكبرى التي تعمل في البلد بدعم مشروعات هذه الجمعيات، وهذا جزء من المسؤولية الاجتماعية لهذه الشركات، وقد بدأ بعضها تبنيه لهذا الأمر مؤخراً، وقامت معظم هذه الشركات بإنشاء إدارات للمسؤولية الاجتماعية شعوراً منها بدورها تجاه المجتمع وخدمته، فينبغي على الجمعيات استغلال مثل هذه المنافذ لدعم ميزانياتها، لتنجح مشروعاتها وتتميز، ولايكون الضعف المادي هو العائق الدائم الذي يواجهها.
- مطالبة أعضاء الشرف في هذه الجمعيات بمبالغ سنوية معقولة تدفع لهذه الجمعيات وتكون رافداً لميزانيتها، أما اشتراكات الأعضاء فهي أضعف موارد هذه الجمعيات، وأقترح إعفاء الأعضاء من هذه الرسوم، حيث إنها ربما تكون سبباً في تهرب بعضهم من عضوية هذه الجمعيات.