وعظتني نفسي فعلمتني أن أرى الجمال المحجوب بالشكل واللون والبشرة, وأن أحدق متبصراً بما يعده الناس شناعة حتى يبدو لي حسنا. وقبل أن تعظني نفسي كنت أرى الجمال شُعلات مُرتعشة بين أعمدة من الدخان واضمحل فلم أعد أرى سوى ما يشتعل. وعظتني نفسي فعلّمتني الإصغاء إلى الأصوات التي لاتولدها الألسنة ولاتضجّ بها الحناجر. وقبل أن تعظني نفسي كنت كليل المسامع مريضها، لا أعي سوى الجلبة والصياح، أمّا الآن فقد صرت أتوجس بالسكينة فأسمع أجواقها منشدة أغاني الدهور، مرتّلة تسابيح الفضاء، معلنة أسرار الغيب.
(جبران خليل جبران)