اشتكت إحدى الزوجات الشابات لصديقة لها بأن زوجها تغير كثيراً من ناحيتها حينما ظهرت غانيات الفضاء، رغم أن الزوجة لا ينقصها الجمال ولا الخلق ولا الثقافة، وفي الواقع المر أن هذه الحادثة تكاد تكون ظاهرة عامة بين العديد من رجال مجتمعنا، حيث أصبحت خليعات القنوات هنّ رمز الجمال لدى كثير منهم، حتى لو كان مستوى جمالها عادي جداً، فقط لأنها محاطة ببريق الشهرة وإضاءات التصوير الخلابة!
أوليس من المعيب على هؤلاء الرجال أن يجعلوا أمثال هؤلاء الساقطات هن الرمز في الجمال، وهن قدوة الأجيال؟ لقد ضلوا وأضلوا ومسخوا مجتمعنا بجمال التماثيل الجوفاء وأناقة العري والتبرج، وكأنهم بهذا يجمّلون نساءهم وبناتهم لسواهم! والغريب أن الرجل الشرقي على وجه العموم والسعودي على وجه الخصوص يستحيل أن يتزوج من امرأة أقامت علاقة مع رجل غيره حتى لو بنية الزواج، فكيف بهؤلاء المائلات المميلات؟! ألا يعد هذا تناقضاً مع الذات ومع المبادئ؟!
ومن ناحية أخرى فقد امتلأت عيادات التجميل بل التغيير، بالنساء الراغبات في تغيير (سحناتهن) فهناك من تريد أن تنفخ شفاهها وهناك من ترغب في تغيير شكل أنفها، وهكذا حسب الإمكانيات الطبية والمادية، بل لقد ذكرت إحدى أخصائيات التجميل السعوديات بأن هناك من تريد إزالة لونها كي تملأ عين زوجها الذي لا تمتلئ عينه أبداً!
ألا يعد هذا تغييراً لخلقة الله أيها الرجال المحترمون؟! فإذا كنت أيها الرجل لا تحب اللون الأسمر أو الحنطي وتفضل عليه اللون الأبيض على سبيل المثال، فلماذا تزوجت هذه المسكينة ولماذا لم تختر لك من الأساس صاحبة لون أنت تفضله؟ ولماذا تضطرها إلى الاعتراض على خلقة الله لها؟ بل دعها لمن يريدها كما هي لأن كل صنف من الجمال له من يعشقه ويفضله.
فأين أنت أيها الزوج من عذوبة الروح، ووهج الشخصية، وخفة الدم، وجمال العشرة والرحمة والمودة والسكينة؟ بل أين أنت من المرأة الصالحة التي تأمنها على شرفك وذريتك وسمعتك وكل ما تملك؟ ثم من قال إنك يا ذلك الرجل تعد ملكاً للجمال؟ أليس هناك من هو أجمل منك من الرجال بكثير؟ فلماذا تفتن امرأتك وتجعلها تفتح عينيها فيمن حولها؟ بل قد تفتح أذنيها لمن يقدر خلقة الله لها، وساعتها عليك مثل وزرها.
والمثير للدهشة أنه حينما ظهر توجه نسائي شبه عام نحو الإعجاب بأحد المسلسلات التركية لمجرد أن المسلسل تدور قصته حول زوج يحب زوجته ويتغزل بها ويطلب رضاها، ظهرت الأصوات الرجالية المنكرة إنكاراً جماعياً منتقدة هذا المسلسل دون غيره انتقاداً لاذعاً، رغم أن معظم القنوات تبث على مدار الساعة المسلسلات الهابطة والأغاني الماجنة والأفلام التي تدعو إلى المنكرات التي تشمئز منها الفطرة البشرية السوية ويحرمها الدين، ومع ذلك فما أقل المنكرين بل ما أندرهم!
g.al.alshaikh12@gmail.com