Al Jazirah NewsPaper Friday  26/12/2008 G Issue 13238
الجمعة 28 ذو الحجة 1429   العدد  13238
رياض الفكر
معاناة المرأة المطلقة
سلمان بن محمد العُمري

الأرقام الخاصة بحالات الطلاق في المجتمع السعودي التي تقدر بما يقرب من 15% من الذين يتزوجون سنوياً، تضعنا أمام معاناة عشرات الآلاف من النساء المطلقات، ولا أظن أن هناك عائلة واحدة الآن تخلو من امرأة مطلقة على أقل تقدير، بل إن هناك بيوتاً يعيش فيها أكثر من امرأة مطلقة.

وإذا كان ارتفاع معدلات الطلاق في بلادنا يكشف عن وجود خلل ما في نسق التفكير لدى الأزواج والزوجات على حد سواء، وعدم قدرة كل من الزوج والزوجة على استيعاب ما تعنيه الحياة الزوجية من مسؤولية في إطار من الحقوق والواجبات المتبادلة، وقبل ذلك احترام وتقدير لمؤسسة الزواج وهي الأسرة وغيرها من الأسباب التي أفاض علماء الاجتماع والنفس في رصدها وتحليلها واقتراح علاجات لها، إلا أنني أتوقف هنا عند مابعد الطلاق، فالرجل في أغلب الأحيان سوف يبحث عن زوجة أخرى وتستمر حياته، أما المرأة المطلقة فحالها مختلف، حيث يرى أهلها أنها أشبه بعورة يجب سترها أو أنها مصدر للخجل يجب مواراته، وفي كثير من الأحيان يحملها أهلها مسؤولية طلاقها بدعوى أنها لم تستطع الحفاظ على بيتها وزوجها، وقد يكون هذا صحيحاً بالنسبة لبعض النساء لكن لا يمكن تعميمه على المطلقات جميعاً!!

وتبدأ معاناة المرأة المطلقة من اليوم الأول لطلاقها، ولا سيما إذا كانت لا تعمل، فهي حمل ثقيل على عائلتها، ويزداد الأمر سوءاً لو كانت موارد أسرتها ضعيفة أو محدودة، أما إذا كانت تعمل فقد لا يكون الأمر بهذا السوء، إلا أن هناك معاناة من نوع آخر تتمثل في نظرة المجتمع الواسع إليها، حتى بين زميلاتها، فهذه قد تشك في أنها تحاول خطف زوجها أو شقيقها، فتنأى بنفسها عنها، وتكتمل فصول معاناة المرأة المطلقة لو كانت أماً لأنها تحتاج إلى الانفاق على أولادها، وتحتاج قبل ذلك إلى من يتولى مسؤولية تربيتهم معها، وفي بعض الأحيان تحرم المرأة المطلقة من الحياة مع أولادها، لاسباب خاصة لخلاف مع أبيها أو مشكلات سبقت الطلاق ولم تخف آثارها بعده.

وعلى الرغم من كل هذه المعاناة نجد بعض الأسر التي لديها بنات مطلقات، تسارع إلى تزويجهن بأول من يتقدم إليهن، بدافع أن فرص زواج المطلقات قليلة ونادراً ما يتكرر، ولا ضير في ذلك إذا كان الزوج مناسباً والزواج متكافئاً، لكن الضرر كل الضرر أن يكون هذا الزواج لمجرد تخليص هذه المرأة من لقب (مطلقة)، ففي مثل هذه الحالة، ربما تجد نفسها مطلقة مرة أخرى لتتضاعف معاناتها، ويتضاعف أيضا حجم التجني عليها، ولا تعفي المطلقة نفسها من هذه النظرة لانهزامها واستسلامها وضعف ثقتها بنفسها، فكم من مطلقات استطعن أن يحظين بتسابق الرجال عليهن بعد طلاقهن والأمثلة كثيرة.



alomari1420@yahoo.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5891 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد