Al Jazirah NewsPaper Friday  26/12/2008 G Issue 13238
الجمعة 28 ذو الحجة 1429   العدد  13238
بعيداً عن لغة الريال !
د. فهد بن علي العليان

يسعد قلب كل مهتم ومواطن ومحب لعمل الخير تلك المبادرة التي قام بها - كما أوردت إحدى الصحف المحلية - مجموعة من الشباب والشابات السعوديين الدارسين في كلية الهندسة الصناعية التابعة لجامعة الملك عبدالعزيز في جدة بالانخراط......

..... في أعمال تطوعية وأنشطة يقومون بها دون انتظار مقابل مادي معتمدين في ذلك على ما يتقاضونه من مكافآت جامعية ينفقونها لإسعاد المحتاجين، حيث أسس أكثر من مائة شاب وفتاة مجموعة (أصدقاء الأيتام)، وسخروا جزءاً كبيراً من وقتهم لاحتواء فئة الأيتام وتفعيل دورهم في المجتمع على خلاف ما يعتقده الكثيرون من حصر الأعمال الخيرية في توفير المال وتوزيع مختلف المعونات، من مأكل وملبس، على المحتاجين، ولقد جاءت هذه المبادرة - من وجة نظري - في الوقت الذي بدأ ينحسر فيه العمل التطوعي في المجتمع السعودي بكافة أنواعه وأشكاله نتيجة لضعف الروابط الاجتماعية وانشغال أغلب أفراد المجتمع بحاجاته الخاصة.

إن مثل هذه المبادرات الشابة والمستقلة والجريئة تدل بشكل كبير وواضح على أن العمل التطوعي في المجتمع السعودي يجب ألا ينحصر في العمل الدعوي الذي يهدف إلى نشر الوعي بالقضايا الشرعية، بل لا بد أن يتجاوزه إلى المفهوم الشامل للعمل التطوعي، لأن المجتمع بحاجة إلى التعاون وبذل المال والوقت والجهد في مجالات الحياة المختلفة، ومن هنا فإني أقترح أن يكون هناك جهة معينة لديها قوائم بأسماء المتطوعين في مختلف المجالات في مختلف المدن والمحافظات، من أجل معرفتهم وتقديم العديد من الدورات لهم في المجالات التي يرغبونها ويجيدونها، وذلك للاستعانة بهم في وقت الحاجة، كما أنه من المهم جداً التطوع في مجال تدريب المتطوعين المتبدئين في عدد من المجالات، إذ يستطيع كل فرد أن يشارك بتدريب الآخرين في تخصصه وينشر ثقافة العمل التطوعي بين المتخصصين في مجاله.

ويعد دور مدارس التعليم العام والجامعات أساساً في هذا الموضوع، وبالتالي فإن على المعلمين وأساتذة الجامعات العمل على نشر هذه الثقافة بين الطلاب والطالبات من خلال اشراكهم في القيام بأدوار اجتماعية في مجالات كثيرة ومتنوعة، كما أنه لابد أن تقوم الجامعات بالتعاون مع الأجهزة الحكومية الأخرى مثل الدفاع المدني والهلال الأحمر والبلديات والمؤسسات الحكومية المختلفة بتقديم العديد من الدورات بحيث يتمكن الطالب والطالبة من المشاركة في الأعمال التطوعية في أثناء دراسته الجامعية، وفي هذا الإطار فإن على رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال مسؤولية كبيرة تجاه أفراد هذا المجتمع، وبالتالي فإنهم لابد أن يسهموا من خلال المبادرة والمساهمة في هذه الأعمال، بالإضافة إلى حث الناس على القيام بالأعمال التطوعية المتنوعة.

إن كثيراً من أغنياء المجتمعات الغربية يشاركون بفاعلية في تفعيل ثقافة العمل التطوعي من خلال تقديم المنح بملايين الدولارات، بل إن فئة منهم يبذلون جهوداً كبيرة في دعم المجتمعات الفقيرة في مختلف دول العالم.

وأخيراً، تحية شكر وتقدير لأولئك الشباب والشابات على مبادرتهم في هذا العمل الإنساني الرائع الذي يخدم إحدى فئات المجتمع الغالية على قلوب الجميع، وبانتظار مبادرات إنسانية أخرى.





alelayan@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد