Al Jazirah NewsPaper Friday  26/12/2008 G Issue 13238
الجمعة 28 ذو الحجة 1429   العدد  13238
نوازع
د. محمد بن عبدالرحمن البشر

أُقرت ميزانية هذا العام 1429- 1430هـ، وهي كما يعلم الجميع أكبر حجماً من سابقاتها، وأكبر حجم ميزانية في تاريخ المملكة. وهذا أمر معلوم، واللافت للنظر فيها الزيادة التي طرأت على القطاعات الخدمية على حساب قطاعات أخرى. ولا ريب أن هذا مؤشر على توجيه من الدولة لتوفير خدمات فعلية للمواطن المحتاج إليها، والخدمات هي ما يحتاجها المواطن في المقام الأول بعد توفر الأمن ومصدر العيش الكريم. وفي نهاية الأمر فإن الاستفادة من الميزانية عائد في المقام الأول على المنفذ الذي سيكون مرآة لإظهار الميزانية على أرض الواقع الذي ما زال المواطن ينشد المزيد في أكثر من قطاع، مستنداً على توفير الحجم الهائل من المال الموفر في بنود الميزانية لأغراض خدمية.

والمواطن السعيد بأن تكون الميزانية بهذا الحجم لأنها إشارة إلى الاستمرار في الإنفاق مما يعني أن القطاع الخاص سينال نصيباً كبيراً من هذا الإنفاق، ومما يحتم عليه أن يوظف مزيداً من المواطنين، كما أن هذا الحجم من الإنفاق سيكون أيضاً مؤشراً لطمأنة المستثمر في سوق المال بأن كثيراً من الشركات المحلية ستجد مزيداً من الطلب على منتجاتها مما يزيد من ربحها، ليكون المواطن أكثر اطمئناناً على أن هناك متسعاً من الأرباح لدى تلك الشركات المتصلة بالمنتجات ذات العلاقة، ولذا فهي مرآة اطمئنان إلى قطاعات كبيرة من المؤسسات الإنتاجية والخدمية بالمملكة، كما أنها رسالة واضحة لطمأنة المواطن أن الإنفاق ما زال في حجمه أو ربما أكبر من ذلك، فقد أنفق أكثر من نصف تريليون ريال في ميزانية العام الجاري، وقد ينفق أقل منه في ميزانية العام القادم طبقاً لبنود ميزانية أو أكثر منه عندما تتوفر المصروفات والإيرادات الفعلية في نهاية العام القادم.

المواطن يهتم كثيراً بما يلمسه من خدمات ويبقى المنفذ مسئولاً عن توفيرها له بدرجة مقبولة. وهذا الأمر أخذني إلى أن أتوقف عند إعلان نشر في إحدى الصحف السعودية ويقول ما معناه (إعلان عن نقل مياه الصرف الصحي بالوايتات في مدينة عفيف)، ومدينة عفيف إحدى المدن العريقة في المملكة، بها عدد لا بأس به من السكان وأذكر أننا كنا نمر بها ونتوقف فيها لأخذ قسط من الراحة في طريقنا إلى مكة المكرمة، ونتناول وجبة غداء أو عشاء، وإنما في هذا المقال نتوقف عند هذا الإعلان المتعلق بمدينة كعفيف ما زلنا نعلن عن نقل مياه الصرف الصحي بها من خلال الوايتات ومثلها فيما أظن كثير، ولعلني أكون مخطئاً فيكون قليلاً، وما أعلمه أن الحي الذي أسكن به في مدينة الرياض لا يتوفر فيه صرف صحي، وأنا متأكد أن هناك كثيراً من المشروعات التي تحت التنفيذ وأخرى في طريقها للتنفيذ، غير أن الأهم أن تكون أسرع في توفير هذه الخدمات وإلا سوف تظل تنادي بتوفير الخدمة بصوت متواصل لا نهاية له، لأن مقدار النمو في طلب الخدمة أسرع من السرعة في توفيرها، وهذا ما لا يستحسنه المنفذ والمواطن. وموضوع مدينة عفيف هذا يدعوني على الحديث الذي لا أسأم من التحدث عنه وهو توفير مياه الشرب. وأقول مرة ثانية مياه الشرب، ومرة ثالثة مياه الشرب، ومرة عاشرة مياه الشرب، مياه الشرب فهي بالنسبة للمملكة خيار غير قابل لأخذ ورد، والمصدر الوحيد، ثم الوحيد، ثم الوحيد هو تحلية مياه البحر، وهذا يعني أن يكون لدينا من محطات للتحلية في كل سواحل المملكة ما يمكننا من الحصول على كميات من المياه ليس لسد الحاجة الحالية فحسب، بل لتزيد عن حاجة البلاد لعشرين سنة قادمة، طالما أننا قادرون على دفع مبالغ لتوفير المياه ودون ذلك فإن المشكلة سوف تتفاقم، ويستمر ما هو واقع الآن، ولا ريب أن وزارة الكهرباء والماء تعي كل ما قلت وتعمل جاهدة لكنها أحبار قلما تنقل واقع الحال.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6227 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد