Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/12/2008 G Issue 13236
الاربعاء 26 ذو الحجة 1429   العدد  13236
شعار المملكة لخدمة الحجاج : شرف.. وأمانة.. ومسؤولية
مطيع النونو

هنيئاً - صادقاً - لقيادة المملكة لهذا النجاح الذي تحقق في حج هذا العام 1429هـ يوم الوقفة الكبرى في مشاعر الحج في عرفة وجبل الرحمة، والتي وقفها ضيوف الرحمن وبلغ عددهم ما يقارب الملايين الثلاثة؛ هدفهم إعلان طاعة الله تعالى والتقرب إليه والأمل في قبولهم وإثباتهم في هذا الدين الحنيف القويم في قوله تعالى: {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

في مثل هذا اليوم المبارك وقبل أربعة عشر قرناً وقف رسول الإسلام وسيد المرسلين وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم على جبل الرحمة يوم الحج الأكبر وهو الوحيد الذي أداه في حياته وكان في السنة العاشرة من الهجرة النبوية من مكة المكرمة (البيت العتيق) إلى مدينة (يثرب) بسبب معارضة المشركين من قبائل قريش لهذا الدين القويم وكان معه ما ينوف على تسعين ألف حاج معظمهم من الأنصار والصحابة الأجلاء والسلف الصالح، وخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام تلك الجموع الغفيرة المؤمنة برسالة الإسلام المنزلة من السماء وتلا عليهم الآية الكريمة التي نص عليها القرآن العظيم في قوله تعالى سورة المائدة {اليوم يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.

وفي تلك الأيام المباركة التي شهد العالم واحتفل بالوقفة الكبرى في عرفة وبعيد الأضحى ومنها المملكة العربية السعودية التي تشرف على رعاية المقدسات الإسلامية من التزامها برسالة الإسلام نصاً وروحاً واتخذت كتاب الله (القرآن العظيم) والسنة النبوية المطهرة دستورها وإدارة شؤون الدولة في الداخل وعلاقاتها مع دول العالم فإنها تتعرض لأعمال عدوانية وحملات وافتراءات مضللة من أعداء الإسلام، وبخاصة من بعض الدول الإسلامية وهم قلة يحاربون شريعة السماء لأهداف خاصة للنيل من كرامة وإنسانية الدين الإسلامي الذي أنزل على رسول الله- صلى الله عليه وسلم.

وقال الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ}، وقال تعالى: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}.

وبفضل من الله تعالى وبتوجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز للجهات الأمنية العليا لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن وتأدية مناسكهم في مناخ تعبدي يسوده الخشيه والسكينة، كان حج 1429هـ ناجحاً مئة بالمئة ولله الحمد وتحققت أمنية القيادة السعودية بيسر وسهولة، بجهود جبارة بذلها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا وقد أثبت سموه بأنه أمير الأمن كعادته في كل عام، وبصلابته ومواقفه الحازمة، وكان يشرف بشخصه على رعاية الحجاج وقدم لضيوف الرحمن أفضل الخدمات والسهر على راحتهم منذ دخولهم الأراضي السعودية جواً وبحراً وبرا وحتى مغادرتهم والعودة لأوطانهم. حيث أصدر سمو وزير الداخلية تعليماته السديدة ووضع في خدمة الحجاج مئة ألف من قيادات وضباط وأفراد أمنية تمثل كل القطاعات ومن أمن الحج لحماية الملايين الثلاثة من ضيوف الرحمن، وشملت تعليمات سمو أمير الأمن إلى تلك القوات عدم التساهل مع كل من تسول له نفسه العبث بأمن الحجاج وعدم الخلل في النظام الأمني.

وتمكنت تلك القوات الفاعلة في حفظ النظام في المشاعر المقدسة؛ لأن من أهم المهمات لمسؤوليات المملكة وواجباتها الفعالة رعاية حجاج بيت الله الحرام والسهر على راحتهم، لذلك حققت القيادات الأمنية أعلى الدرجات لسلامة كل حاج وتم استخدام أحدث وأفضل التقنيات المتطورة في جميع مناطق الحج ونشرت أعداد كبيرة من الكاميرات التلفزيونية في تلك المناطق لمتابعة عمليات تنقلات الحجاج وتفويجهم في المشاعر المقدسة في منطقة محددة وبأيام قليلة محدودة أيضا وربطت هذه الكاميرات بالمركز الرئيسي للقوات الأمنية في مشاعر الحج، وكانت فاعليتها مؤثرة جداً في المراقبة الدقيقة لتنقلات حجاج بيت الله الحرام وسهلت عملية الحركة للقوات الأمنية بسرعة فائقة عند الحاجة في حال وقوع أي حادث أمني أو حريق في أماكن تجمع الحجاج - لا سمح الله - لكن بحمد الله انتهت رحلة الحج الكبرى في هذا العام دون وقوع حادث ما في صفوف الحجاج.

ومن خلال عملي في مهنة الصحافة فقد أتيح لي بفضل من الله أن عايشت أربعة ملوك في المملكة العربية السعودية وهم: فيصل وخالد وفهد - رحمهم الله - والآن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- وكنت من قبل أتابع عهد الملك عبدالعزيز، ثم الملك سعود من خلال الصحف السعودية، وأتيح لي أن أؤدي فريضة الحج مرات عديدة في العهود السابقة فإني أقول الحقيقة من خلال مشاهدتي للقنوات الفضائية لتأدية الحجاج فريضة الحج للعام 1429هـ فكانت رائعة وعظيمة عن الركن الخامس لرسالة الإسلام التي بعث من أجلها رسول الإسلام لخير الإنسانية كلها، ولا مثيل لها في مناسك الحج في الأعوام الماضية ومنذ قيام الدولة الحديثة في عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وبواسطة القنوات الفضائية السعودية والعربية شاهد سكان القارات الخمس الصور الحية والناطقة باللغة العربية والإنكليزية، تلك المشاهد العظيمة عن الركن الخامس لرسالة الإسلام وكيف يتضرع المؤمنون للإله الواحد الخالق العظيم الجن والإنس ويردد الجميع عبارات التوحيد لله عز وجل: لبيك الله لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).

كما تضرع ضيوف الرحمن بالدعاء الصادق والإيمان المخلص برسالات السماء التي أنزلت على الأنبياء والرسل وكان خاتمهم رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- لأن الدين عند الله واحد، وإن اختلفت الرسل.

لقد تلألأت تلك المشاهد باللباس الموحد الأبيض الناصع وهو ثياب الاحرام لضيوف الرحمن والذي يعبر عن عظمة الوحدة الإسلامية، كما عبرت تلك المشاهد عن عظمة دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنها عالمية في مداها وشاملة في موضوعاتها، وهي تمثل الطباع والاخلاق والمزايا التي هي من صفات النبي الأمي وبأعماله الجليلة التي صنعها في حياته منذ بعثة رسالة السماء وحتى وفاته عليه الصلاة والسلام، وبالآثار الجليلة التي أبقاها لتاريخ أمته الإسلامية، ولتاريخ الأمم الأخرى في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

إن شعائر الحج هي المثل العليا لرسالة السماء، ولهذا فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ترك نظاماً متكاملاً للحياة يصطلح عليه الإنسان بالدين المنزل من السماء، بهدف أن يفهم الذين يؤمنون بهذا الدين ويسلمون به وما يتضمن من العقائد والأخلاق والعبادات ونظام الحياة والأحكام الشرعية من أجل اقامة دين الله في واقع الحياة حتى تكون كلمة الله هي العليا.

وكان لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية الدور المتمم لتأدية ضيوف الرحمن مناسكهم بيسر وسهولة وقد تابع مسؤولياته بدقة وإدارة قوية وأشرف على كل الاجراءات المتطلبة لراحة ضيوف الرحمن مؤكداً على احترام النظام وبأن المسؤولية تقع على عاتق كل فرد في المجتمع السعودي لأن الذي لا يخدم النظام لا يخدم نفسه.

وقاد الأمير خالد الفيصل قيادة الحج يوم الوقفة الكبرى مشدداً على تطبيق الاجراءات المعلنة والتي تقوم على المثل العليا لمناسك الحج، وكان سموه أول من طبق النظام الذي فرضه خادم الحرمين الشريفين في وجوب أن يحصل كل حاج في داخل المملكة على تصريح رسمي، وبكل فخر أعلن سموه أمام رجال الصحفة العالمية والمحلية بأنه حصل على التصريح المطلوب ورفعه أمام رجال الإعلام في مؤتمره الصحفي. لقد اتخذت القيادة السعودية شعاراً لخدمة ضيوف الرحمن يقوم على مبادئ ثلاث هي: (شرف.. أمانة.. ومسؤولية). وهل هناك ما هو مفضّل على الشرف والأمانة والمسؤولية لخدمة ضيوف الرحمن.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5137 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد