كثيرة مهرجاناتنا، ولقاءاتنا، وكثيرة الفعاليات التي تدور على ساحتنا، سواء منها الأدبية والثقافية والعلمية والاقتصادية، وكثيرون منا يحضرون هذه الفعاليات، والبعض يشارك فيها أو يتدخل ويناقش ما جاء فيها، أو يقيم نتائجها وآثارها على المجتمع وأفراده.
مع كثرة هذه اللقاءات إلا أن أثرها يبقى محدوداً، فلا يستطيع أن يصبغ المجتمع بصبغة ناتجة عن أداء في اتجاه ما، فالساحة ليست أدبية ولا علمية ولا ثقافية ولا اجتماعية ولا اقتصادية، تلقى بيننا من يتكلم في كل ذلك لكنه لا يعرف شيئاً من ذلك كله على سبيل التخصص والتوسع في المعاني والدلائل.
الكثيرون يتساءلون: لماذا لا نكاد نرى إلا نصف أعمال ونصف نتائج، ونصف أداء، ونصف قرارات وتوصيات؟ ولأنه لا يريد أحد الإجابة بصراحة عن هذا السؤال، فإنه هو الآخر يبقى نصف سؤال.
الذي يجرؤ على أن يضع إجابة شافية وافية عن هذا السؤال سوف يقول الآتي:
نحن نعيش نصف حياة، ونصف عمل، ونصف نتائج، لأننا لدينا تذكرة في اتجاه واحد فقط!
فإذا تكلمنا في العلوم الدينية لا نتقن إلا الحديث عن الدين الإسلامي، ومع أهمية ذلك، إلا أن قليلين جداً منا يعرفون شيئاً بسيطاً عن الأديان الأخرى، وهو ما يزيد من درجة التصادم، ويقلل من إمكانية الحوار والهدنة. كي لا يفهم البعض هذا الكلام خطأ، أقول:
أنا واثقة جداً بأن ديننا الحنيف هو خاتم الأديان، وأنه من ابتغى غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه، لكنني في الوقت نفسه أصر على أن أعرف شيئاً عن الأديان الأخرى لأن ذلك يقوي من معنى أن يكون ديننا آخر الأديان وناسخها.
وإذا تحدثنا في الآداب والثقافات جاء حديثنا أعور لأنه يقف عند آدابنا وثقافاتنا، فكيف يمكن الإنسان - أي إنسان - أن يهمل ما في الأرض من ثقافات وآداب أخرى قد يفوتنا ما لدينا بعضها كثيراً؟
أما حديثنا في الاجتماع والاقتصاد فهو ترديد وصدى لمقولتنا ليس غير، فإن كان الأمر في العلوم كانت الحياة أكثر وعورة ومأساوية.
نحن إذاً نعيش بلسان واحد وبعين واحدة وبأذن واحدة، ولا ندرك معنى أن لدينا حواس خمساً بعضها مزدوج، ليكون أساس تكوين معرفتنا وذاكرتنا.. لكننا لا نريد من كل شيء إلا شيئاً واحداً ننسبه دائماً لنا، لأننا أكثر شعوب الأرض حباً في الحديث عن (الأنا).. وتاليتها!!