المدينة المنورة - علي الأحمدي:
أكد معالي الشيخ الدكتور سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة كبار العلماء أن التحاور والتعاون بين أهل الأديان بما يحقق المصلحة الشرعية جائز شرعاً بل مرغب فيه, والنبي صلى الله عليه وسلم تعاون مع اليهود والمشركين في بعض القضايا التي تحقق المصلحة العامة, وقوله تعالى: { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ويجوز تعاون المسلمين مع غير المسلمين، كما أن مناقشة أهل العقائد والديانات ومجادلتهم بالدليل والبرهان, مطلوب شرعاً, قال الله تعالى: { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. أما التنازل عن شيء من الدين فهذا لا يجوز, ولما قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم تابعنا هذا العام ونتابعك العام القادم نزلت سورة الكافرون.
وأضاف الشيخ الشثري: أما وحدة الأديان فهي ممنوعة شرعاً, وقد صدر فتوى كبار العلماء في ذلك. وأشار إلى أهمية الإفادة من الوسائل الحديثة كالإنترنت والمشاركة في المنتديات ونشر الخير فيها ودفع الشبهات، وذلك من أفضل الأعمال.
جاء ذلك في محاضرة أقامتها الجامعة الإسلامية مساء الاثنين ضمن برنامجها الثقافي، وكانت بعنوان (سمات الشخصية المسلمة في ظل المتغيرات)، وفيه أوضح الدكتور سعد الشثري أن تغير حال الناس من حال إلى حال من سنن الله الكونية في خلقه فقد قال سبحانه: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ}، والإسلام بما يتوافق جميع هذه المتغيرات حتى يجعل المسلم في أكمل أحواله, وشريعتنا الغراء بتطبيقاتها وبأحكامها تتناسب مع جميع المتغيرات.
ثم عدّد فضيلته أبرز سمات الشخصية المسلمة في ظل المتغيرات ومنها:
الحكم على المتغيرات من منطلق الشرع, بتحكيم الكتاب والسنة، والحرص على معرفة أحكام الله في هذه المتغيرات, وهو ما جاء في الشريعة باسم طلب العلم وسؤال العلماء, وقد عظّم الله شأن العلم ورفع مكانة العلماء، وأهمية الرجوع إلى علماء الشرع فيما يرد من المتغيرات { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِه وَلَوْ رَدُّوه إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَه الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَه مِنْهُمْ} ، والصبر على طاعة الله وعلى أقدار الله المؤلمة؛ لأن بعض المتغيرات المعاصرة تدعو إلى المنكرات وتصد عن الطاعات وتجلب البلاء على المرء. وعدم تهوين المحرمات، وعدم الاستعجال في الحكم على ما يطرأ حتى يُعرف حُكْم الله فيه, وسؤال أهل العلم إن جهل حكم الله فيه، والتعلق بالله ودعاؤه ورجاؤه والتوكُّل عليه خير معين عند المتغيرات، وكذلك من هذه السمات الاعتزاز بالدين وشدة التمسك به، والحرص على الدعوة إلى الله بتقرب العباد إلى ربهم ونشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، وستر عيوب الآخرين وعوراتهم. وأضاف من تلك السمات الحرص على الإصلاح بين الناس بإبعاد العداءات والهزات التي قد تحصل بينهم، وملازمة الأخلاق الإسلامية مثل التواضع والرحمة والعفو، والحرص على جمع كلمة أهل الإيمان.
هذا، وقد شهد المحاضرة جمهور كبير من مختلف شرائح المجتمع المدني، وتم نقلها للنساء عبر البث الفضائي المباشر.