Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/12/2008 G Issue 13236
الاربعاء 26 ذو الحجة 1429   العدد  13236
تخفيض الدين العام لا يزال أحد الأهداف الأساسية
الخطة الخمسية الثامنة حققت فوائض للأربع سنوات

إن المتأمل لموازنة العام 2009 يجد أنها موازنة موجهة أو ما يمكن أن يطلق عليها الموازنة بالمشاريع حيث نلاحظ أنها قد ركزت بصفة أساسية على دعم الادعات ذات الأهمية الكبرى التي تضمنتها الخطة الخمسية الثامنة والتي ندلف الآن في سنتها الأخيرة لتكون موازنة العام 2009 في آخر الموازنات في تلك الخطة، لذا سعت هذه الموازنة لتحقيق الانتهاء من عدد من المشروعات الحيوية والتي لم يتم اكتمالها خلال سنوات الخطة الأربع الماضية وهذا ما يفسر لنا الكلمة أو النصيحة الاخوية الملكية من لدن خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - حينما قال كلمة موجزة ولكنها معتبرة حيث طالب حفظه الله بايجاد آلية لتنفيذ المشاريع باسرع ما يمكن حتى لا يتسبب التأخير في تنفيذ بعض المشروعات المعتمدة في الضغط عملياً ومادياً على الموازنات اللاحقة مما يخلق نوعا من عدم الاستقرار في تنفيذ أو تحديد أولويات أوجه الانفاق للموازنات الجديدة.

ويجب ألا يفسر انخفاض المصروفات المقدرة لموازنة العام 2009 بمبلغ 35 مليار ريال عن الانفاق الفعلي للعام 2008 بأنه نوع من أنواع التحفظ الحكومي الانفاقي وذلك لأن الحكومة بانفاقها السخي خلال العام 2009 تكون قد أكملت تنفيذ العديد من المشروعات الحيوية والضرورية سواء ما يتعلق منها بمشروعات البنية التحتية أو تلك المشروعات التي تدفع في اتجاه تحقيق التحول النوعي في الاقتصاد السعودي وتحويله من اقتصاد ريعي يعتمد على النفط كمصدر وحيد للدخل إلى اقتصاد معرفي تكون فيه صناعة المعرفة هي المحدد الأساسي لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.

والمتتبع للمسار الزمني للمصروفات الحكومية خلال السنوات الخمس الماضية يجد انها تعكس مساراً صاعداً ومستقراً حيث كانت 285 ملياراً خلال العام 2004 ولكنها ارتفعت إلى الضعف تقريبا خلال موازنة العام 2008 حين بلغت 510 مليارات ريال، وينطبق نفس القول على المسار الزمني لفوائض الموازنات السنوية لنفس الفترة رغم الانخفاض البسيط الذي حدث خلال الموازنة العامة 2007 رغم أن متوسط أسعار البترول خلال نفس العام كان قريبا من 72 دولارا للبرميل الواحد مقارنة بـ66 دولارا للبرميل خلال العام 2006

ويمكن تفسير حدوث ذلك باستمرار الدولة - أيدها الله - في اعتماد تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية في بعض مناطق المملكة والتي كانت بحاجة ماسة لتعزيز بنياتها الأساسية وكذلك التوجه الحكومي الصريح في إحداث نقلة نوعية في التعليم العام والتوسع في مؤسسات التعليم العالي لزيادة الطاقة الاستيعابية للقبول في الجامعات والكليات وبصفة خاصة في مجالات العلوم التطبيقية والتخصصات الطبية واستحداث البنية الضرورية والمناسبة لتعزيز وتطوير البحث العلمي نوعاً وكماً وقد تم تخصيص عشرات المليارات من الريالات لتحقيق تلك الأهداف.

ومن اللافت للنظر أن موازنة العام 2009 المقدرة احتوت على مشاريع جديدة رائدة وتم تخصيص مبلغ 225 مليار ريال وهو يزيد بنسبة 36% عما تم تخصيصه في موازنة العام 2008 رغم التحديات التي تواجهها السوق النفطية حالياً.

ومن النقاط الايجابية والتي تستحق التوقف عندها هو استمرار الدولة بمعالجة الدين العام حيث حققت نجاحات كبيرة في هذا المجال فانخفض الدين العام كنسبة من إجمالي الناتج المحلي من 65% إلى 13.5% خلال العام 2008 وهذا إنجاز كبير جداً ويمكن القول ان المستوى الحالي للدين العام والبالغ 237 مليار ريال هو المستوى الأمثل آخذين في الاعتبار الحجم الكبير للقطاع المالي المحلي حيث يمنح هذا الدين الحكومي مؤسسة النقد مرونة كبيرة في تحديد آليات سياساتها المالية والنقدية فيما يتعلق بالتحكم في المعروض النقدي في الاقتصاد المحلي فهي بإمكانها ضخ سيولة إضافية إذا دعت الحاجة بدون أن تتحمل أي تكاليف حيث يعتبر تسديد جزء من هذا الدين للقطاع المصرفي نقداً سوف لن يترتب عليه أي التزامات مالية على المؤسسة شبيهة لتلك الالتزامات التي تنشأ من إصدار سندات الخزينة على سبيل المثال.

القطاع المصرفي

والاقتصاد السعودي كغيره من الاقتصادات الاخرى يعتمد على تمويل مشاريعه المتوسطة والصغرى على القطاع المصرفي وبالتالي تعتبر سلامة هذا القطاع شرطاً أساسياً لسلامة الاقتصاد المحلي، والمتمعن للقطاع المصرفي المحلي يجد أنه قد حقق نمواً يقدر ب40% فيما يخص تمويله للشركات المحلية خلال العام 2008 وهي بالتأكيد نسبة عالية جداً نتمنى أن يكون نشاط التمويل في القطاع المصرفي خلال العام 2009 مقاربا لتلك النسبة خصوصا مع قيام مؤسسة النقد بتحرير المزيد من السيولة بتخفيضها لنسبة الاحتياطي القانوني لتستقر حالياً عن مستويات ال7% وكذلك مع التخفيضات المتتالية لمعدلات الشراء وإعادة الشراء (الريبو والريبو العكسي) والتي وصلت إلى حدودها الدنيا عند 2.5% و1.5% على التوالي، وبعد استقرار معدلات الفائدة الأمريكية عند مستويات الصفر والربع نقطة في الفترة الأخيرة.

ومن المأمول أن يلعب القطاع المصرفي المحلي دوراً كبيراً في عملية تمويل مشروعات مدينة الملك عبدالله الصناعية في رابغ وتمويل إنشاء مركز الملك عبدالله المالي في ظل تأثر الكثير من المصارف العالمية والإقليمية بالأزمة الاقتصادية المالية العالمية ومعاناتها من نقص كبير في السيولة مما اضطرت معه للتوقف عن منح المزيد من الائتمان سواء للأفراد أو الشركات أو حتى فيما بينها وبين البنوك الأخرى.

د. زايد الحصان
استاذ العلوم الاقتصادية والمالية المشارك بجامعة الملك سعود



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد