لا يحتاج المرء إلى جهد أو خيال خارق ليكتشف أن البشرية لا تستطيع أن تعيش على كوكب صغير، كوكب الأرض، دون أن تُوثَّق أواصر المحبة والعلاقة المتكافئة وترسيخ ثقافة الحوار بين شعوبها ودولها حتى نتمكن من العيش على هذا الكوكب دون صدام، مستثمرين ما يزخر به من خيرات وثروات لو وجدت الرعاية والعناية والاهتمام لأينعت وزودت أبناء البشر بكفايتهم من الغذاء ومن مناخ طيب يكفل العيش في أجواء صحية.
ثقافة الحوار يسعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى تعميمها وجعلها الثقافة الأكثر تداولاً بين أبناء البشرية. ولإنجاح هذا المسعى الحضاري فقد حرصت المملكة على المشاركة والمساهمة في مؤتمرات ولقاءات الحوار التي تعددت هذا العصر وأصبحت إحدى أنجع الآليات للتقارب بين الشعوب والحضارات.
ولهذا فقد أصبح من الضروري أن يُرتقى بشأن هذه الآلية من خلال وضع قواعد واضحة ومحددة تساعد على إزالة الحواجز المتراكمة والأفكار المسبقة، ونشر التسامح والتفاهم واستعداد كل طرف للتفاهم مع الآخر، ونبذ روح التعصب، والتغلب على تأثير الأفكار والمفاهيم النمطية.. وهذه القيم والمسالك الحضارية لا يمكن أن تتحقق وتصبح من مكونات ثقافة الحوار ما لم تعمل الشعوب وحكومات الدول على دفع عملية الحوار والتعارف والتفاهم بين الثقافات بين أبناء البشر جميعاً دون استثناء.
والمملكة وقيادتها - من خلال الالتزام بفكر خادم الحرمين الشريفين وبالسعي إلى نشر ثقافة الحوار - لا تستعجل الوصول إلى تجانس وتطابق في الرؤى؛ لأن ذلك لن يكون متيسراً ومتاحاً؛ فهذا من طبيعة البشر؛ إذ إن الاختلاف عُرف منذ أن عُرفت البشرية، إلا أن تحديد الأهداف وما يجمع البشر من قيم ومبادئ مشتركة يجعل من السهل بناء علاقة من التفاهم وفَهْم الآخر والتحاور معه من أجل الوصول إلى الأفضل دون فرض رأي محدد أو وصاية مسبقة.