يحتفل العالم هذا الأسبوع باليوم العالمي للصحة النفسية، بينما يُقدِم (معلم) في إحدى مدارس الطائف الابتدائية على (مردغة) (والكلمة هنا تُقرأ على لغة (مناحي).. وهي تعني في اللغة العربية (ضرب وركل)) طالب في الصف السادس خارج المدرسة.. والخبر نشرته (الجزيرة) يوم السبت الماضي وأجدها فرصة لأحيي مكتب الجزيرة بالطائف على متابعاته الدقيقة.
** يحق لك وأنت تقرأ خبراً مثل هذا أن تتساءل عن مدى تمتع هذا المعلم بالصحة النفسية.. وهل أقدم (مثلاً) على طلب إجازة لأنه يعاني من أي (ضغوط)؟! ولكن هذا المبرر الذي يعبر عنه الناس عادة بعبارة (ما لي نفس).. فهل تكفي عبارة (ما لي نفس) كي تكون مسوغاً للحصول على إجازة عرضية هي من حق الموظف.. أم أن المدير يرفض ويعتبر ذلك تهرباً وتنصلاً من المسؤولية.. فيأتي (المعلم) الذي (ما له نفس) و(يمردغ) التلاميذ إن بدا منهم أي تصرف قد يكون مقبولاً وممكن التجاوز عنه لو أن المعلم يتمتع بصحة نفسية جيدة!
** هل نعتبر عدم التمتع باللياقة أو الصحة النفسية المثالية لا بد أن يكون اكتئاباً مرضياً مخيفاً..؟
هل نملك الوعي بأن ثمّة اعتوارات واعتلالات نفسية بسيطة نتيجة ضغوط الحياة، خاصة، إذا ما أدركنا أن ثلاثة أرباع المعلمين يعانون من ديون وقروض للبنوك التي التهمت رواتبهم العالية إبان تلك التسهيلات غير المنطقية التي استدرجت فيها البنوك رواتب المعلمين كي تأكلها (حبة حبة) تحت رغبة إجبارية موجهة للاستثمار في سوق الأسهم؛ حيث لا يسمح للموظفين أن يستثمروا في التجارة بينما لا بأس في الاستثمار في الأسهم!!
** ماذا فعلت وزارة التربية والتعليم للنظر في أمر الصحة النفسية لمعلميها؟.. هل قامت بدراسة ومسوحات لمعرفة أسباب تغيّب المعلمين وأسباب تدني الدافعية وغياب الحيوية والهمّة التي كان عليها معلمو السنوات الماضية؟!
** هل بإمكان المعلم الذي لا يبقى من راتبه إلا ربعه، وسط واجبات وضغوط تعليمية متنوعة (أن يقوم بدوره جيداً متمتعاً بصحة نفسية تقيه من الغضب والانفعال، والتعبير ب(القدم) بدلاً من الحوار؟
** لا أبرر للخارجين عن السياق العام.. ولا أحمِّل الوزارة اعتلال صحة بعض المعلمين النفسية.
لكن عليها أن تبادر بالنظر في حال المعلم، وماذا يريد، وما الذي يسعده، وما الذي يخفف عليه ويبهجه.
يغيب الترفيه عن مدارسنا.. وإن تواجدت أنشطة خارج المنهج نجدها تقليدية.. مكررة..
** أذكر أن هناك أفكاراً جيدة قبل سنوات في وزارة التربية والتعليم منها (جمعية نقدية كبرى) ماذا لو أعيدت هذه الفكرة، وكان من أهم أهدافها تسديد القروض عن المعلمين المتورطين بخسائر كبرى في الأسهم.. وسط جدولة ومبلغ شهري ممكن يكون (1000) ريال من المعلم الراغب في الاشتراك في الجمعية، ويتم تسديد القروض للبنوك من ربح الجمعية ويظل المعلم ملتزما بالسداد لها؟.
** تلك فكرة أدرك أن من شأنها رفع مستوى الصحة النفسية لدى منسوبي الوزارة؛ خاصة أنهم أكثر المتضررين، هم والعسكريون؛ حيث تنافست البنوك على إغرائهم للاقتراض منها، وسهلت لهم في أول الأمر تسهيلات كبيرة.. ذهبت الأسهم بالسيولة وبقيت الديون النفسية المتوعكة!!.
** إذا نجحت الفكرة يمكن تعميم نسختها على كافة الجهات الحكومية لحل مشكلات المواطنين مع خسائر الأسهم، كما يمكن الطلب من وزارة المالية دعم هذه الفكرة والرفع لمجلس الوزراء بدعم هذه الجمعيات وضخ إعانات مالية فيها.
Fatemh2007@hotmail.com