Al Jazirah NewsPaper Monday  22/12/2008 G Issue 13234
الأثنين 24 ذو الحجة 1429   العدد  13234
بين قولين
نبال التخلُّف
عبدالحفيظ الشمري

أهم الدروس التي يمكن لنا أن نأخذها من حج هذا العام، هو ما رشح من تكثيف إعلامي ظل يستعرض خطورة ظاهرة الافتراش، وما وراءها من تسيب وتستر وإيواء، وعبث في تسيير شئون الوافدين للحج، أو الزيارة، فالأمر قد يكون أشبه بنبلة أولى، قد تنبئ عن قنبلة مدمّرة تحملها إمارات أو نذر أو إشارات تجسِّد فداحة التساهل بأمر العمالة الوافدة إلى بلادنا.

أما وإن كان الحديث حول مكة المكرمة، وفريضة الحج، فقد يلفت الانتباه أحاديث كثيرة، وتقارير مستفيضة عن مسيرة الأنبياء عليهم السلام الذين أدوا الحج، وساروا إلى مكة حفاة عراة، وطافوا بالكعبة المشرفة باعتبارها حقاً ربانياً للجميع.

أما الخلاصة، أو بيت القصيد - كما يقال - فإنّ الكعبة المشرفة وعلى مدى الأزمان المتعاقبة، قد تعرّضت مرات عديدة للهدم أو التخريب بأسباب طبيعية كالحرق أو الغرق، أو بشرية بأيدي أناس تفرّقت بهم أهواء السياسة والحكم والوصاية بأشد أنواعها قسوة وغلواً.

فقد ورد حديث شريف رواه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان عن الرسول صلى الله عليه وسلم مفاده، أنّ الكعبة تهدم في آخر الزمان، وتسوى بالأرض على أيدي رجال سود شديدي البأس، وكثيري الإيذاء لمشاعر المسلمين، وبما أننا في آخر الزمان قياساً لمعطيات كونية كثيرة، فإنّ ظاهرة التخلُّف، والهروب من حملات الحج، والتسيب، وتجارة التأشيرات الوهمية، وتزوير الإقامات لاسيما ممن هم حول الحرم المكي الشريف على وجه التحديد هي أمر مقلق، ويشي بواقعية التصوّر عن أخطار تحدق بنا في ظل هذا التساهل في أمر هؤلاء المتخلفين.

فالمقيمون بصورة غير نظامية هم قنبلة قابلة للانفجار في أي لحظة، لاسيما وأنهم اليوم يشكلون حضوراً مقلقاً، وتواجداً غير مبرر، ولم تَعُد القضية مقتصرة على فئة دون أخرى، إنما باتت حالة (المجاورة) للحرم خطراً داهماً، بعد أن كانت شرفاً ورفعة وحباً في الخير وتقرباً إلى الله في هذه البقعة المباركة.

أضف إلى هذا وذاك خطر العمالة الهاربة، وأصحاب الإقامات غير النظامية، حيث باتوا بالفعل خطراً لا يمكن تجاهله، ويعزّز هذه الرؤية المخيفة أنّ الطمع وحب المال ونوم الضمير، والبحث عن أي أمر يدرّ المال، هو من سيسهم بالفعل في جعل القنبلة أشدّ تدميراً وأقوى خطراً.

فبعد أن كنا نرى الظاهرة وكأنها مجرّد نبلة ستطيش، أضحينا الآن نستشعر، ومن خلال العديد من التقارير، والدراسات الميدانية حول من يقيمون بمكة المكرمة بصورة غير نظامية، بأنّ خطر هؤلاء المخالفين وصل إلى حد يحتم على الجميع التصدي لهم، وخصوصاً هؤلاء الذين يتخذون الحج ذريعة لأن يلوذوا في الأزقة والحواري طلباً للإقامة، وبحثاً عن اللقمة.

فهؤلاء المخالفون حول الحرم المكي الشريف على وجه التحديد، هم الذين يغرسون بذور هذه النذر غير المحمودة في مآل أمرهم، لاسيما وأنّ هؤلاء لا يتوّرعون عن مخالفة أي نظام يصدر بحقهم، بل نراهم وقد قاوموا بشراسة كل محاولة تسعى إلى تصحيح أوضاعهم، والتقليل من أخطار وجودهم.



hrbda2000@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5217 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد