قد تكون مللت من ثماني سنوات من الكذب والخداع الأمريكي المدمر، في ظل إدارة المحافظين الجدد التي سكنت البيت الأبيض لثماني سنوات، لتخرج قائمة الخسائر الأمريكية -قبل غيرها- عن حدود التوقعات.. لكن لا تنسى أنها خسائر غيَّرت صورة أمريكا الإيجابية في العالم، صورة تحتاج إلى جهد خارق للترميم وإعادة الثقة.
والحق أن أمريكا التي شوهها بوش الابن، وصفت إدارته بالتخريبية والدموية بامتياز، فقد أرادت أن تنشر الديمقراطية والحرية عبر القاذفات والدبابات والأسلحة الثقيلة، وتحريك خطوط إنتاج السلاح والتموين وتفريغ مستودعاتها، والوصول إلى البترول العراقي، لكنها أيضاً فشلت في كل ذلك كما هو ظاهر اليوم، وكما يظهره كشف الحساب السياسي والفاتورة الثقيلة التي تجر الاقتصاد العالمي إلى حافة خطيرة.
نجحت الإدارة في الإطاحة بصدام ونظام طلبان من قمة الحكم، وحصلت على مواقع جديدة في العراق وأفغانستان، واكتفت بذلك، إلا أنها لم تتمكن من تحقيق إنجاز يستحق أن يذكره أصدقاؤها الليبراليون حول العالم - مثقفين وإعلاميين- أو الرأسماليون (التجار والاقتصاديون) ويقدموا له.. لم يبق الآن غير الحديث عن عنف وعنف متهور مضاد، إضافة إلى تبعات السقوط الأمريكي المخيف في السياسة الخارجية وإدارة الاقتصاد العالمي، وفك الاختناقات الدولية، وتمييع الأزمات العالمية.
ما حدث طوال الإدارة الكارثية للرئيس الأمريكي بوش، أن أشياء كثيرة لم تعد في مكانها في العالم، العالم الذي انتقل تعسفياً من الفوضى الخلاّقة في السياسة إلى الفوضى التامة والمكلفة في الاقتصاد العالمي، ولكل منهما آثاره المباشرة والجانبية التي تشهد البشرية أسوأ شكل لها على هذا الكوكب.
هل يغيّر أوباما الكثير؟.. هل يمكن أن يحدث تعديلات جوهرية في كل الملفات التي (خربطها) بوش وإدارته؟
طبعاً الإجابة مبكرة، لكن الأكيد أن أول رئيس منتخب من أصول إفريقية، لم يكن له أن يصل إلى البيت الأبيض إلا في وضع كهذا من المأساة الأمريكية والعجز والتردي الاقتصادي والسياسي غير المسبوق تاريخياً طبقاً لمعلقين أمريكيين كثر.
وحيث حاجة أمريكا للتغيُّر وإلى وجه - (وجوه جديدة) للإدارة والواجهة، بعد كل هذا العطب الرهيب الذي أحدثه الرئيس الأمريكي وإدارته بالرغم من وحيه الخاص والتوجيه السماوي المزعوم الذي يقول إنه كان تلقاه!.
يقول صديق إعلامي أمريكي: (لو كان العالم، بكل دوله وأجهزته متحالفاً لتخريب أمريكا من الداخل، كما علاقاتها عالمياً، فلن يستطيع أن يحقق إنجازات تتفوق على إنجازات التخريب التي حققها هذا الرئيس وإدارته!).
وبالرغم من تحفظي المهني -فقط- على الانضمام إلى حفلة الردح العربي بعد معركة حفلة (القنادر) الوداعية للرئيس الأمريكي، التى تفوقت في صخبها على كل ملفات السياسة وقضاياها، ومستقبل العراق، إلا أن الطريف هو إشارة بوش مازحاً إلى أن قياس الجزمة التي قذفت باتجاهه هو (44)، وهو رقم الرئيس الأمريكي التالي بارك حسين أوباما.
إلى لقاء.
nsarami@gmail.com