قد لا تصدق أن متوسط حجم السيولة المتاحة لمدير مدرسة سعودية يدرس بها المئات من الطلاب ليصرفها طوال عام دراسي على الاحتياجات التشغيلية اليومية لمدرسته لا تتجاوز مصروف أسرة لمدة 45 يوماً، يا بلاش. أرجو ألا يظن أحد أن الجهاز المركزي قد كفل لمدير المدرسة كل احتياجات مدرسته التشغيلية. يحدث ذلك رغم قناعتنا بأن نتائج التعليم يتم حسمها على أرض المدرسة فقط.
ومن المفارقات العجيبة أن نذكر هنا أن بلادنا تخصص للتعليم ميزانية تفوق بكثير ما تخصصه أي دولة أخرى في منطقتها، بل إننا نصرف على طالبنا أكثر مما تصرفه كوريا الجنوبية على طالبها عندما بدأت توهجها التنموي.
إنني أتمنى والحال هكذا أن يأتي اليوم الذي فيه يستلم كل مدير مدرسة ما يخص مدرسته من ميزانية التعليم من وزارة المالية مباشرة، على أن يتقرر حجم تلك الميزانية في ضوء عدد طلاب مدرسته وطبيعة برامجها ومشروعاتها التربوية.
قد يبدو هذا الطرح خيالياً طوباوياً عند أصحاب الثقافة البيروقراطية، لكنني أزعم أنه طرح قابل للتنفيذ، خصوصا إذا ما استفدنا من التقنيات المالية وأعدنا النظر في هيكلة مدارسنا وفي طبيعة نظمنا الإدارية والمالية، وقمنا بالتأكيد على العمل المؤسسي المعزز بمبدأ المساءلة
والمحاسبة.
هذا الأمر يستحق التأمل فتعليمنا هو مستقبلنا.