Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/12/2008 G Issue 13232
السبت 22 ذو الحجة 1429   العدد  13232
لما هو آتٍ
بديلك القلم...!
خيرية السّقاف

هذه الصغيرة كلّما أخذتها للمكتبة أراجع معها عناوين الكتب الجديدة، نتحاور قليلاً حول موضوعاتها حسب ما تشير إليه العناوين الفرعية في قوائم مضامينها، دوماً تتحرك يمنة ويسرة وأعلم حينها أنها تميل لأن تزور ركن الدفاتر الملوّنة والأقلام، لكنها كلّما قلبت في أنواعها وجذبتها ألوانها مالت إليّ تسألني: لماذا يصنعون الأقلام والدفاتر؟ هل فقط لنا نحن طلبة وطلاب المدارس؟...

وكثيراً ما ناقشتني حول الكتابة باليد والطباعة على لوحة المفاتيح لأجهزة الحاسوب...

ذكّرتني حين كنت أقترب دوماً من أخي، وقد كان يكتب في طابعته الكثير، وكانت أول جهاز يمكنه أن يعفي الأصابع عن الأقلام أو يعفي الأقلام عن التحبير...

وبقيت زمناً أرفض استبدال قلمي بسواه...

لكنني وجدت في سؤال الصغيرة ما ذكّرني بأنني فعلت واتخذت سواه منذ بدأت الجريدة تخصنا بحيز شخصي في عملها الإلكتروني وموقعها التوثيقي الكبير منفذاً لإيداع ما نكتبه فيها نراجعه ونصحح ما يرد فيه من زلل، ونتواصل فيه مع ما يردنا من قرائنا، ونقف عن موقع الجريدة على ما تنشره، وبالتالي تغرينا تلك الصفحة البيضاء المنسقة في حيزنا الخاص، لأن نتجاذب الحروف في موقعها ذي الصدى كما قرع حوافر خيول الشعراء في مضامير ركض أفكارهم، لأن نقول ومن ثم لأن نحتفظ في يسر وتنسيق بما نقول...

كما ذكّرني سؤالها بأنني قد أدوّن خاطرة أو فكرة، بحثاً أو نصاً بهذه الحروف الجامدة على طاولة تتقاسم مواقعها دون أن تتحرك، كما يتحرك قلمي معي كلما كنت في مكان كان الرفيق، والمعبر الصدوق,...

ذكّرتني هذه الصغيرة برائحة الأحبار وبشكل الدواة وزخم الورقة وهي تتباهى بحلة الكلام...

لكنني لم أهجر قلمي وهناك الكثيرون مثلي يفعلون...

لكنها أشارت إلى ما تشاهده من (لوثة) عارمة لاستخدام الحاسوب: في إدارة المدرسة ومكتب أبي ومكتبة المدرسة وفي الطائرة وفي كل مكان بين الكبار والصغار...

قلت لها : لكنهم يستخدمون أقلامهم، إنهم لا يزالون يضعونها في جيوبهم ربما للتوقيع، أتدرين صغيرتي بأنّ كل منجز حديث يغري الإنسان، وهو من حيث يعطيه يأخذ منه...

تبسّمت وهي تقول: فهمت منك يوماً بأنّ الوفاء سمة لا يقدر عليها إلا الأقوياء...,

أجبتها: بسنواتك الغضة تدركين أنّ القوة هنا ليست في عضلات الجسد وعظمه، لكنها في صدق الوعد وتنفيذه والثبات،...

وحين كنا في العربة استأذنت أن تفتح حقيبتي، لم أكن أدري لماذا، لكنها حين وجدت قلمي ودفتر ملاحظاتي تبسّمت...

قالت : أنت تكتبين حين لا أكون إليك،

ربما ألمحت حفيدتي الصغيرة للوفاء...

أكدت لها بأنّ القلم للكاتب سلاحه الذي إن وضعه أو تخلّى عنه تعثّر في المضمار لا تعوّضه في أي زمان أو مكان أية حروف مهما تسارعت وانتظمت وتهيأت لها الأساليب والأشكال والأوعية والتنظيم.

على الرغم من أنّ بعضهم لا يفسرون القلم بذلك الشكل المادي الذي يرافقك حيثما تكون جرماً مادياً له عين إن بكت فحبراً وإن رسمت فكلمة.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد