Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/12/2008 G Issue 13232
السبت 22 ذو الحجة 1429   العدد  13232

دفق قلم
أسطورة الحذاء
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

لم يكن الموقف من المواقف المعتادة التي يمكن أن تمرَّ بالناس في العالم كله دون التوقف عندها، لأنه موقف عجيب في وقت امتلأت فيه قلوب المسلمين بالأسى والحزن، وضاقت صدورهم بما جلب إلى بلادهم الاحتلال الأمريكي من خراب ودمار، وهَم، وقتل، وركلٍ بالأحذية وبساطير الجنود المرتزقة الذين عاثوا في بلاد الرافدين وبلاد الأفغان قتلاً وضرباً وركلاً بالأحذية وإهانة للكرامة، وانتهاكاً للأعراض وسرقة للأموال.

نعم في هذا الوقت المفعم بالأسى انطلق الحذاءان المنتظريان ليعبرا تعبيراً غريباً على الناس عن ذلك المنحدر الذي وصلت إليه الدولة الكبرى ورئيسها المغرور.

إن صدى هذا الموقف امتدَّ إلى العالم كله، فالتعليقات، والصور الساخرة، وغيرها من وسائل التعبير عن الرِّضا بذلك الموقف تنتشر في وسائل الإعلام الأمريكي والأوروبي بدرجة مساوية لما يحدث في عالمنا الإسلامي، وفي هذا استفتاء عالمي شامل على تلك السياسة الغاشمة الهوجاء التي انتهجها الرئيس الأمريكي بوش فترة رئاسته، وأقلق بها العالم كلَّه، وتعامل بتكبُّرٍ مشين، وتسلُّط وقسوة مع عالمنا الإسلامي.

الموقف عقاب من الله ساقه على يد ذلك الرجل العراقي المشحون بالحزن والأسى على ما حدث في بلده من التدمير والإهانات التي لا تخفى على أحد.

هكذا يعاقب الله الطُّغاة بما لا يتوقعون، وما لا يحسبون له حساباً، فقد كان عقاب الطاغية (النمرود) بعوضة دخلت إلى رأسه من أنفه فكان لا يستريح حتى يضرب رأسه بحذائه حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر.

وهكذا عاقب الله هذا الرئيس المتغطرس بمرور حذاءين من أمام وجهه على مرأى العالم ومسمعه، إنه عقاب معنوي كبير في هذه الدنيا، ولا نعلم ماذا يخفي له الله من العقاب فيما بقي من العمر، وفي الآخرة.

مشكلة الطغاة المتسلّطين أنَّ بصائرهم تعمى، فما يرون إلا أنفسهم ولا يستمعون إلى نصيحة ناصح أو مشورة حكيم، ولا يرحمون ضعيفاً، ولا يشفقون على مظلوم، وهنا يكون استحقاقهم لعقاب الله ثابتاً، فيكون بالطريقة التي لا يتوقعون.

بهذه الرؤية نتناول موقف الحذاءين الشهيرين، أما أن نحوِّلهما إلى أسطورة، وأن تبدأ العاطفة المبالغ فيها تضخم الأمر إلى درجة التغني بالحذاء، وتصويره بما لا يليق، فهذا ما لا يناسب سموَّ الأهداف.

أيها الأحبة: حذاءان بأحذية وبساطير، وهذا عقاب من الله لمن نرى جنوده يدوسون بأحذيتهم المساجد، ورقاب الرجل وأوراق المصاحف الممزقة، ويضربون بها الأبواب المغلقة، عقاب معنوي يناسب المقام، فلا داعي - في نظري - للمبالغات.

إشارة:

من يغرس الشوك لا يجني به عنباً

مهما سقاه بأنواع السقايات

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد