Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/12/2008 G Issue 13232
السبت 22 ذو الحجة 1429   العدد  13232
مجداف
لم نُوَفق في التقدير.. فلا نُحرَم التدبير
فضل بن سعد البوعينين

في يناير الماضي، وقبل الأزمة العالمية، كتبت في (الجزيرة) تحت عنوان (سَبْعَ بَقَرَات سمَان يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عجَافٌ) ما نصه: (إن الظروف الاقتصادية الحالية لا يمكن أن تدوم إلى ما لا نهاية، وكما أن مرحلة الركود، وقلة الموارد قد انقشعت، بفضل الله وبركته، فمرحلة الازدهار الحالية، وفوائض الميزانية متوقع انحسارها متى شاء الله ذلك، ما يجعلنا أكثر حاجة إلى التخطيط والتدبير، وتحقيق الاستغلال الأمثل لمواردنا المالية بعيداً عن التبذير أو التقتير واضعين نصب أعيننا تقلبات الأمور، ومستقبل الأجيال القادمة).

يبدو أننا وصلنا مرحلة انحسار الفوائض المالية، التي نرجو الله أن يعجل في انقشاعها، وأن يرزقنا فيها حسن التدبير. ما دفعني إلى الاسترشاد بجزء من مقالة مضى على نشرها أحد عشر شهراً هو ما أجده من مبالغة في طرح بعض الاقتصاديين والمختصين في الشؤون المالية حيال توقعات ميزانية العام القادم وتحديد سعر نفط مبالغ فيه لتقدير إيراداتها، والدفع نحو زيادة النفقات بعيداً عن سياسات التحوط التي يفترض أن تكون من الأولويات في مثل هذه الظروف.

أرشد الله سبحانه وتعالى سيدنا يوسف لتعبير رؤيا عزيز مصر، ولبيان أسلوب التعامل مع أزمة الجفاف المتوقعة في قوله (فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ في سُنْبُله إلَّا قَليلًا ممَّا تَأْكُلُونَ) وهو الأسلوب الأمثل للتعامل مع الأزمة العالمية الحالية. التعامل مع الاحتياطات المالية مختلفاً بالكلية عن التعامل مع الإيرادات الثابتة، فنحن نتحدث عن رصيد وضعه ولي الأمر لمواجهة متغيرات الأمور، ولا يُحَبذ السحب منه لتمويل ميزانية يُبالغ في حجم نفقاتها وكأن ظروف العالم لم تتغير. زيادة النفقات تعني زيادة في المشروعات في وقت لم ننجح بعد في تنفيذ المشروعات التي أقرت في الأعوام الماضية ما يعني أننا نسعى نحو تكديس المشروعات بدلاً من إنجازها. من الحكمة أن تُبقى النفقات كما كانت عليه في الميزانية التقديرية لعام 2008، أو ربما أقل، وأن تجدول المشروعات بحسب أهميتها، ويركز على إنجاز مشروعات ميزانية العام الماضي والأعوام التي قبلها.

أما تقدير سعر النفط الذي ستبنى عليه ميزانية العام القادم فيفترض أن يكون أكثر تحفظاً من السعر الذي بنيت عليه ميزانية العام الماضي، تحسباً لما يمكن أن تؤول إليه تداعيات الأزمة العالمية. التقديرات المتحفظة يمكن أن تُبنى عليها النفقات المستقبلية بحسب الأهمية والحاجة، فإن تحسنت أسعار النفط أمكن التعامل مع الفائض بحسب الحاجة مع تعزيز الاحتياطيات، وإن تدهورت فيكون حينها العجز محدوداً ويمكن تغطيته من الاحتياطيات.

أسأل الله الكريم أن يرزق الجميع حسن تدبير الأمور ووضع خطط الطوارئ، والبعد عن المغالاة والإسراف، في وقت يُفترض أن تتقدم فيه إستراتيجيات التحفظ والحذر على ما عداها، فإن عجل الله بالفرج، فخيرٌ يضاف إلى خير، وإن حدث الأسوأ فنكون مهيأين بإذن الله.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244



f.albuainain@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد