Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/12/2008 G Issue 13232
السبت 22 ذو الحجة 1429   العدد  13232
أوروبا وأزمة الزعامة
جوليانو أماتو - اتيان دافينون - جان لوك دوهان - ويم كوك

كانت الأزمة المالية العالمية سبباً في تسليط الضوء على مواطن القوة ونقاط الضعف في الاتحاد الأوروبي. ولولا اليورو كانت توابع الزلزال الذي هز العالم أثناء شهري سبتمبر- أيلول وأكتوبر- تشرين الأول لتمتد إلى أسواق العملة فتُحدِث توترات من شأنها أن تعيد مشروع التكامل السياسي والاقتصادي الأوروبي عشرات السنين إلى الوراء، بل وربما تعرض المشروع بالكامل للخطر.

والأسوأ من هذا أن البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كانت بطيئة في الاستجابة لهذه الأزمة بالعمل الجماعي المنسق. في مستهل الأمر كانت المفوضية الأوروبية موضعاً للانتقاد بسبب تباطؤها في طرح الاقتراحات لحشد جهود الحكومات الوطنية والمسؤولين عن وضع الخطط والسياسات. والآن أصبحت الدول الأعضاء هي التي تقاوم الحاجة الملحة إلى استجابة سياسية جيدة التنسيق على مستوى الاتحاد الأوروبي بالكامل في التعامل مع الأزمة المتفاقمة.

إن سرعة وحِدة التباطؤ الاقتصادي الحالي أعظم كثيراً من أي دورة انكماش اقتصادي شهدها العالم في فترة ما بعد الحرب طيلة الأعوام الستين الماضية. ولقد فشلنا في أوروبا بوجه عام في الانتباه إلى علامات التحذير التي بثتها أزمة الرهن العقاري الثانوي في الولايات المتحدة حين تفجرت في أواخر صيف العام 2007، وبالتالي فلم نكن مستعدين حين عصفت المرحلة الثانية من الأزمة بالبنوك الأوروبية أيضاً. والدرس الذي يتعين علينا أن نستخلصه هنا هو أن الاتحاد الأوروبي لابد وأن يتحرك بسرعة أكبر وبقدر أعظم من التصميم والعزيمة مقارنة بأي مرحلة سابقة في تاريخه.

في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي، يتساءل الناس عما تفعله أوروبا لمعالجة الأزمة. والإجابة على هذا التساؤل هو أنها لا تفعل ما فيه الكفاية، وقد يكون الثمن السياسي باهظاً في انتخابات البرلمان الأوروبي في الصيف المقبل.

إن الأسابيع المتبقية من العام 2008 سوف تكون حاسمة في تحديد مصير جهود أوروبا الرامية إلى استعادة زمام الأمور ومحاولة تخفيف آثار الأزمة، بينما تسعى في الوقت نفسه إلى معالجة المشكلات المعلقة على أجندة إصلاح الاتحاد الأوروبي. وبوصفنا أمناء جمعية أصدقاء أوروبا (Friends of Europe)، فنحن نحث المؤسسات الأوروبية وزعماء الاتحاد الأوروبي السياسيين على تجديد جهودهم فيما يتعلق بكل من معاهدة لشبونة وجدول أعمال لشبونة.

لقد أسهمت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي بالكثير في سبيل تحسين عملية التنسيق بين الاستجابات المختلفة للبلدان الأعضاء في معالجة الأزمة المالية، كما بدأت المفوضية الأوروبية في الاضطلاع بالدور الأكثر نشاطاً والذي دعتها جمعية أصدقاء أوروبا إلى القيام به في العاشر من أكتوبر-تشرين الأول. والتحدي الماثل أمام الرئاسة والمفوضية الآن يتلخص في العمل على إعطاء دفعة سياسية جديدة للاتحاد الأوروبي لتحريك عملية الإصلاح المتعثرة.

في الحادي عشر والثاني عشر من ديسمبر-كانون الأول، يتعين على المجلس الأوروبي أن يشير بوضوح إلى الجدول الزمني المتصور لإعادة فتح عملية التصديق على معاهدة لشبونة. والتقاعس عن القيام بهذه المهمة من شأنه أن يجلب علينا قدراً أعظم من المشكلات السياسية بعد انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو-حزيران المقبل.

إن معاهدة لشبونة تشكل خطوة نحو تطويع آليات صنع القرار التي يتبناها الاتحاد الأوروبي حتى تتناسب مع القرن الحادي والعشرين وعضوية سبع وعشرين دولة أو أكثر. والحقيقة أن الطبيعة العالمية للأزمة الحالية تؤكد ببساطة ووضوح أن أوروبا إما أن تقرر بسرعة وعلى نحو متسق ومتماسك، أو تعاني من عواقب سلبية وخيمة. ويبدو من الواضح أيضاً أن الرأي العام في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي يقترب من الاستنتاجات نفسها على نحو متزايد. إن الحق السيادي للشعب الأيرلندي في تقرير مستقبله ليس موضوع جدال بأي حال من الأحوال. ولكن يتعين على أيرلندا أيضاً أن تسمح للبلدان الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي بالمضي قدماً في تبني معاهدة لشبونة إن كانت هذه هي رغبة تلك البلدان. وحتى في حالة عقد استفتاء ثانٍ في أيرلندا فينبغي على الحكومة الأيرلندية أن تتوقع إجراءً من شأنه أن يسمح للبلدان الأعضاء الأخرى، بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، بتنفيذ الأجزاء الأساسية من معاهدة لشبونة.

ويتعين على المفوضية الأوروبية الآن أن تتخذ الإجراءات اللازمة لضمان مضاعفة البلدان الأعضاء من جهودها فيما يتصل بأجندة لشبونة الرامية إلى إصلاح قدرة أوروبا التنافسية على مستوى العالم. في العام 2000 وضع الاتحاد الأوروبي برنامجاً مدته عشرة أعوام لأهداف الإصلاح المتفق عليها، ورغم ذلك فما تزال البلدان الأعضاء في العديد من الحالات تفتقر إلى الإرادة السياسية اللازمة لتنفيذ هذا البرنامج. والواقع أن الاحتمالات الكئيبة القاتمة فيما يتعلق بمستقبل أوروبا تجعل هذه الإصلاحات ضرورية أكثر من أي وقت مضى.

جوليانو أماتو كان رئيساً لوزراء إيطاليا أثناء الفترة من العام 1994 إلى العام 1996؛ اتيان دافينون رئيس جمعية أصدقاء أوروبا حالياً ونائب رئيس المفوضية الأوروبية سابقاً؛ جان لوك دوهان كان رئيساً لوزراء بلجيكا أثناء الفترة من العام 1992 إلى العام 1999؛ ويم كوك كان رئيساً لوزراء هولندا أثناء الفترة من العام 1994 إلى العام 2002.
خاص بالجزيرة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد