Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/12/2008 G Issue 13232
السبت 22 ذو الحجة 1429   العدد  13232
أضواء
الخروج من مستنقع أفغانستان
جاسر عبدالعزيز الجاسر

بالرغم من تورطه شخصياً والحلقة السياسية الضيقة المحيطة به في الحزب الجمهوري، التي يسمونها في الولايات المتحدة الأمريكية ب(المحافظين الجدد)، إلا أن الرئيس جورج بوش الابن يحاول أن (يكفِّر) عن ذنبه فيما فعله في العراق وأفغانستان ودعمه اللامحدود للإسرائيليين في فلسطين، وجاءت محاولات بوش الابن قبل أن يترك البيت الأبيض من خلال إبدائه الندم على شن حرب على العراق نتيجة استجابته لتقديرات خاطئة (حسب تعبيره) بنية النظام السابق تصنيع أسلحة دمار شامل.

كما أعطى بوش تعليماته إلى وزيرة خارجيته كونداليزا رايس بمحاولة عمل (مك أب) لسياسة إدارته تجاه الفلسطينيين حيث وجدت الوزيرة في صديقها ونظيرها الروسي لاروف عوناً وشريكاً في تقديم مشروع قرار مشترك لمجلس الأمن الدولي يشرك مجلس الأمن الدولي في قيادة عملية تحريك السلام وإنجاز التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وبالنسبة إلى موضوع أفغانستان فقد أصبح موازياً للتورُّط الأمريكي في العراق؛ فكلاهما يستنزف أمريكا عسكرياً واقتصادياً؛ حيث كان العام الحالي الذي سنودعه بعد أيام الأكثر دموية منذ عام 2001م بالنسبة إلى القوات الدولية التي يشكِّل الأمريكيون عمودها الفقري، والتي خسرت 221 جندياً، غالبيتهم من الأمريكيين؛ ولذلك تحاول الإدارة الأمريكية قبل أن تسلم تركتها الثقيلة لإدارة أوباما أن تخفف الضغط العسكري الذي بدأت طالبان إيقاعه على حكومة كرزاي وقوات التحالف.

إدارة بوش، وفي سعيها لمساعدة الإدارة القادمة على الخروج من مستنقع أفغانستان مثلما فعلت مع المستنقع الآخر (مستنقع العراق) بإيجاد طريقة تضمن بقاء النفوذ الأمريكي دون تحمُّل أعباء عسكرية مكلفة بشرياً واقتصادياً، ومن أجل تحقيق هذا الهدف لن تتردد في التضحية بحليفها حميد كرزاي الذي لاحظ المتابعون قلة حظوته أخيراً لدى بوش وإدارته.. فحتى الزيارة الأخيرة الوداعية لبوش لجنوده في كابول لوحظ الفتور بين الرجلين. وللتخلص من كرزاي أشاعت واشنطن وجود وساطة بين طالبان وكرزاي، ومع أن كرزاي نفسه أعلن أنه (طلب من خادم الحرمين الشريفين تسهيل إجراء محادثات سلام مع حركة طالبان) لتنطلق بعدها شائعات عن وجود وفد من الطرفين في المملكة لتحقيق مصالحة، إلا أن مصدراً مسؤولاً بوزارة الخارجية بالمملكة العربية السعودية نفى ذلك الأمر جملة وتفصيلاً، مؤكداً في تصريحات مقتضبة عدم صحة عرض المملكة اللجوء السياسي على زعيم حركة طالبان الهارب الملا عمر.

ومع وضوح هذا النفي السعودي، إلا أن الصحف الأمريكية والبريطانية واصلت الحديث عن محادثات محتملة بين حكومة قرضاي وحركة طالبان، وكان آخر من ذكر ذلك صحيفة ذي أوبزرفر البريطانية، إلا أن الأحداث الميدانية وتصاعد هجمات طالبان يعززان نفي المصدر المسؤول لوزارة الخارجية السعودية، ويظهران أن ترويج الصحف الأمريكية والبريطانية والألمانية يشير إلى الرغبة الأمريكية والأطلسية معاً في الخروج من المستنقع الأفغاني الذي قد يكون أحد سيناريوهاته التخلص من حميد كرزاي الذي لم يستطع القضاء على طالبان رغم كل الدعم العسكري واللوجستي والسياسي والمالي المقدَّم من أمريكا والحلف الأطلسي.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد