شاهدت خلال الأيام القليلة الماضية جانباً من برنامج (ردة فعل) الذي تبثه قنوات art وكانت تلك الحلقة خاصة بنهائي بطولة الأندية الخليجية. وبعد أن عرض البرنامج أفراح الأهلاويين وسعادتهم بالبطولة انتقل بموسيقى تصويرية حزينة جداً إلى المدرج النصراوي وهنا لفت نظري طفل صغير لا يتجاوز عمره السبع سنوات لابساً شال وقبعة بألوان النصر وجالس في المدرج بانكسار تبرق عيناه من الدموع المحتبسة والعبرة تخنقه، وحاول المذيع الاقتراب منه ومداعبته ولكنه أبى وأومأ برأسه. كان لا يحتاج سوى لكلمة واحدة حتى ينفجر بالبكاء. واحترت في تفسير الموقف.. فالأطفال والناشئة الصغار يعجبهم النجوم ويتعلقون بالفرق التي تحقق الانتصارات والبطولات والإنجازات، وذلك ما يبرر تزايد شعبية الهلال والاتحاد باستمرار والشباب مؤخراً لدى الصغار والأجيال الناشئة لأن البطولات والإنجازات والانتصارات الكبيرة والقوية ارتبطت بهذه الأندية في السنوات العشر الأخيرة. فما بال ذلك الصغير الحزين يحيد عن أقرانه وأبناء جيله، خصوصاً وأنه ولد ونشأ في زمن الجدب النصراوي من البطولات وافتقاره للنجوم الجاذبة. لابد أن هناك من مؤثر قوي جعله يأخذ هذا الاتجاه ربما يكون والد أو أخ كبير أو قريب مؤثر. وتساءلت.. ألا يشعر صاحب هذا التأثير بتأنيب الضمير؟ بمقدار ما ارتكبه من ظلم بحق طفولة وبراءة ذلك الصغير.؟! أليس من حق هذا الطفل أن ينطلق في فرح وسعادة مع فريق يحقق له آماله ويرسم البسمة على شفاهه ؟! يا ترى لو أن هذا الصغير امتلك حريته واستلم زمام قراره بنفسه هل كان سيختار العيش في محيط الإحباط والانكسار الذي بدا مطبقاً عليه .؟! ولم يكن ذلك الإحباط والانكسار وليد يوم أو مباراة أو موسم.. بل إن السنوات السبع التي عاشها ذلك الصغير هي بالنسبة له عمره كله وقضاه للأسف ما بين حسرة وآهة ودموع محتسبة.
فلنترك الصغار يعيشون حياتهم كما يريدون ويمارسون طفولتهم دون تدخل (سلبي)، ولنشجعهم على اتخاذ القرارات الخاصة بهم بكل حرية واستقلالية، حتى ولو كانت مخالفة لميولنا، بل يجب أن نوجههم للوجهة الصحيحة إذا ما لاحظنا أنهم قد يتخذون قرارات ربما يكون لها آثار سلبية على طفولتهم وبراءتهم وقد تحرمهم السعادة وتسرق الفرح من نفوسهم، أو قد تجعلهم في الموقف الأضعف أمام زميل يزهو بانتصار أو صديق يتباهى ببطولة.. أو في وضع منكسر كاميرا تلفزيونية. بل إن من الحكمة أن نرأف بحال هؤلاء الصغار وأن لا نجعلهم يعيشون زمن الحرمان الذي عشناه.