نسمع في كل يوم تقريبا تصريحات من أصحاب الشركات والمشاريع العقارية بالمملكة أن القطاع بمأمن وأنه لن يتأثر بالأزمة العالمية والأسعار لن تهبط والطلب المستقبلي كبير وغير ذلك من التبريرات التي تصنع واقعاً وردياً لصناعتهم وهذا حق طبيعي أن تدافع عن مصالحك ولكن الواقع يقول عكس ذلك فكل شيء يصحح نفسه سواء كان أصولا مالية أو حقيقية أو أسعار سلع فما الذي يجعل العقار حالة فريدة واستثناء إذا ما أخذنا الدول المجاورة لنا وأكبر الأسواق والاقتصاديات العالمية نجد أنها بدأت تصحيحاً كبيراً بالقطاع العقاري ووصل الانخفاض بأمريكا إلى مستويات 80 و90 بالمائة وفي أوروبا بنسب قريبة من ذلك وبالخليج تتراوح الانخفاضات ما بين 30 إلى 50 بالمائة أما في المملكة فلا يوجد إلى الآن مؤشرات حقيقية ترصد نسب الانخفاض فهناك ركود حقيقي بسوق العقار والجميع متمسك بموقفه إلى الآن فالبائعون مصرون على الأسعار العالية والمشترون محجمون ويتوقعون الانخفاض بأي لحظة ولكن الواقع يميل إلى صحة موقف المشترين وأن الأيام القليلة القادمة ستشهد التحرك نحو أسعار منخفضة لأن العروض ومن واقع ملموس أصبحت كبيرة، وبنهاية المطاف لا تستطيع الشركات تحمل التمسك لفترات طويلة بأسعارها المعلنة لأنها ستحتاج للسيولة، والبنوك اليوم لم تعد سخية بالإقراض كما السابق بل رفعت أسعار الفائدة مما يجعل خيار اللجوء لها لتمويل أي مشروع عقاري صعباً وأسعار مواد البناء انخفضت بشكل كبير وبسرعة فائقة، مما يعني انخفاض تكلفة البناء وهذا بدوره سيقلل من كلفة المشاريع الجديدة وبالتالي سيكبد أصحاب المشاريع التي أنشئت بأسعار مرتفعة خسائر ضخمة بالمستقبل إذا لم يتنازلوا عن جزء من أرباحهم لإغراء الزبائن بالشراء أو حتى التأجير، فالارتفاعات الأخيرة بالأسعار كانت غالبيتها عشوائية ومبالغ فيها وقفزت خلال فترة قصيرة بعدة أضعاف لم تعد تعكس أي جانب استثماري فمكررات العقار تخطت 15 مرة بل وحتى عشرين وهذا تضخم كبير بالأسعار مبالغ فيه وآثاره ضارة نظرا لخاصية العقار بالحركة السعرية وبحجم الاستثمارات الكبير التي يتطلبها فهو ليس كأسواق المال قد تحتاج لأموال بسيطة لتستثمر به، بينما المشاريع العقارية غالبا ما تحتاج إلى مبالغ ضخمة جداً وبالتالي تصبح الخسائر كبيرة في حالات الركود.
سوق العقار بالمملكة ضخم والحاجة المستقبلية للمساكن كبيرة جداً فالتقديرات تصل إلى 1.2 مليون وحدة سكنية خلال العشر سنوات القادمة ولكن كل هذا لا يمنع أن تهبط الأسعار لكي تتناسب مع دخل المواطنين من جهة وانخفاض التكلفة وتقليل المخاطر على الممولين من جهة أخرى ويبقى كل ما نسمعه من تأكيدات على تماسك السوق العقاري محاولات أخيرة للتصريف.