ما أراد جورج بوش الابن والأمريكيون تعليمه للعراقيين في كيفية ممارسة الديمقراطية والتعبير عن حرية الرأي، حصده بوش نفسه ظهر يوم الأحد.
بوش الذي تلقى قبلة الوداع من حذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي، قال إن ما حدث هو نتاج الحرية التي يتمتع بها الشعب العراقي..!!
ولكي يكون الرئيس بوش صادقاً ومتوافقاً مع آرائه وقناعاته، التي هي قناعات الغرب والأمريكيين، فعليه أن يمارس نفوذه على الحكومة العراقية ويأمر (صديقه) المالكي ويفرج عن الصحفي العراقي أو يقدَّم لمحاكمة عادلة وليست كالمحاكمات التي تابعناها للرئيس الراحل صدام حسين وكبار مسؤولي نظامه.
في أمريكا والغرب يصنف عمل الصحفي العراقي منتظر الزيدي بأنه فعل عنيف لممارسة حرية التعبير، ومع اختلاف نظرة العراقيين والعرب لاستعمال الحذاء في مهاجمة الآخرين؛ إذ يُعد استعمال الحذاء تحقيراً ما بعده تحقير للشخص المقصود، إلا أنه لدى الغرب والأمريكيين فإنه لا يختلف كثيراً عن حالات كثيرة قام بها متظاهرون غربيون ضد قادتهم والزعماء السياسيين عندما يرشقونهم بالطماطم أو البيض الفاسد. والمسألة كانت يمكن أن تكون مختلفة أو قضية جنائية تستوجب المحاكمة لو أصابت إحدى فردتي الحذاء وجه بوش وسببت له عاهة مستديمة..!! أما أن يعبر صحفي عن رأيه بأسلوب غير معتاد فهذا حسب فهم الغربيين حق يكفله مبدأ حرية التعبير.. والفرق أن الصحفي العراقي كتب مقالاً بحذائه.. ليدخل هو وهذا الحذاء التاريخ؛ فحذاء منتظر ترك بصمة سترافق الرئيس بوش الابن حتى مماته؛ ففعلة الزيدي حتى وإن تظاهر بوش بعدم اهتمامه بها بقوله إنها نتاج الحرية، إلا أنها سترافقه وتلتصق بتاريخه كونها جاءت في الأيام الأخيرة لحكمه وأنها من شعب تأذى كثيراً من حروبه؛ ولهذا فاستهدافه بحذاء بقدر ما هي مؤلمة له، فهي مفرحة للعراقيين الذين لم يفرحوا منذ أكثر من خمس سنوات؛ ولذلك فقد انشغلوا بتبادل التهاني والنكات أمس.. وهم يرددون (الصاروخ أحس لو قندرتي..)!! والقندرة باللهجة العراقية والخليجية (الحذاء)!!
عموماً مقال منتظر الزيدي الذي كتبه ظهر الأحد بحذائه سيخلد في التاريخ الصحفي، وسيذكر بأنه الذي حاول رد الاعتبار لشعب تعرض للإذلال والمهانة بعد احتلاله، وأنه أراد استرداد ثمن فواتير تعذيب الأمريكيين للعراقيين في أبو غريب وأن حذاءه (حذاء الزيدي) سيتقدم على حذاء خورتشوف الذي ما زلنا نتذكر فعلته رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود.