الأستاذ الدكتور محمد بن سعيد الشعفي مؤرخ رائد أسهم في المسيرة التعليمية والبحثية في المملكة من خلال عمله في جامعة الملك سعود، ودارة الملك عبد العزيز، وعرف بتواضعه الجم وبعده عن الأضواء فكسب الاحترام والتقدير من الجميع. وللدكتور الشعفي مجموعة من الأعمال المنشورة تتعلق بمواد من تاريخ المملكة من بينها دراسة بعنوان: (التجارة الخارجية لمدينة جدة في العهد العثماني) (1840 - 1916م) صدرت في كتاب سنة 1428هـ - 2007م وكما يشير في مقدمته فإن الدراسة في الأصل كانت حاصل تفرغ علمي سنة 1399هـ ثم نشرت في كتاب مستقل بالإنجليزية سنة 1406هـ ثم كانت النشرة العربية في 1428هـ. وعند تأمل الكتاب نجد عملاً مميزاً دقيقاً تركز على قضية واحدة في مدينة محددة استند فيه على وثائق أبرزها وثائق القناصل البريطانيين في جدة. ولست هنا في معرض تلخيص الكتاب أو عرضه فهو متاح يمكن أن يرجع إليه، ولكن رأيت في منهج الدكتور الشعفي ما يجب أن يقتدى به في كتابة التاريخ أي التركيز على قضية محددة في زمن محدد ومنطقة محددة لأن هذا المنهج هو الذي يثري البحث العلمي وهو الذي يمكِّن الباحث من الوقوف على حقائق كثيرة قد لا يقف عليها الباحث الذي يشتت عمله على منطقة أو قضية واسعة.
لقد حفل عمل الدكتور الشعفي بمعلومات ثرية توضح بشكل دقيق مسيرة التجارة الخارجية في جدة في الفترة المدروسة وجاءت الجداول التي غطت جزءاً كبيراً من الكتاب معبرة ومبرزة لما كانت عليه حركة التجارة في ذلك الوقت. والأمل كبير أن يكون عمل الدكتور محمد الشعفي وأمثاله هو المنهج الذي تسير عليه أقسام التاريخ.