في الطائرة بعد أن غادرنا الوطن لنمثله في بقعة أخرى من العالم في لقاء إعلامي كبير.. كنت حريصة على قراءة الصحف التي حملتها معي من المطار حرصاً على أن أبقى موصولة بالوطن.. ويبقى حاضراً في كل تفاصيل الحياة..
في محطتي الأولى صحيفة الجزيرة.. استوقفني في الصفحة الأولى أبرز عناوينها.. (قائد المهمات الصعبة) يصور هذا العنوان هذا القائد الذي في تلك اللحظات كان عبر القارات باذلا كل جهده ووقته ليؤسس لرسالة سامية ومعاهدة دولية لحوار الأديان والثقافات والحضارات.
هو قائد المهمات الصعبة كما أشار أ. خالد المالك صاحب المقال لأن هاجسه أن يرى الأمم وعلى امتداد الكون بأديانها ومعتقداتها وطوائفها ومذاهبها وأطيافها وثقافاتها يجمعها حوار مشترك وموقف واحد وتعاون في ميادين شتى.
هو رجل المهمات الصعبة.. والمبادرات الكبيرة.. والنوايا الحسنة لأن من أكبر همومه نيل كل إنسان لحقه في حياة حرة آمنة رغيدة.. ضمن ضوابط أخلاقية واجتماعية وإنسانية ودينية واقتصادية.
قبل أن أمتطي الفضاء متجهة إلى القاهرة في الليلة السابقة كنت انتهيت من تسجيل حلقة خاصة ستعرض في اليوم التالي تصب في ذات الموضوع الذي تحدث عنه المقال، محورها دعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار وصدى تلك الدعوة في أنحاء العالم.. الذي رحب بها لاعتبارها خلاصا له من الكثير من المشكلات ومن الانقطاع بين أركانه.
من الاستديو في الرياض كنا موصولين مع أمريكا ولندن وبيروت عبر الأقمار الصناعية مع كتاب ومستشارين إعلاميين وشعراء للحديث عن هذه المبادرة التاريخية والدعوة لحوار الثقافات.. كانت السعادة تغمرني وأنا أرصد هذا الحدث العالمي الكبير وأواكبه عبر برنامجي ستين دقيقة، كانت رؤية المليك كافية لتغير العالم والكثير من مفاهيمه لنبدأ عهدا عالميا جديدا وتأريخا جديدا للعالم أجمع الذي ستكون الأمم المتحدة منصة له وقادة العالم وشعوبه على مسمع ومرأى منه.
سبقت دعوة أمريكا دعوات بادر بها خادم الحرمين الشريفين في مدريد والرياض ومكة المكرمة، شرع يؤسس لعهد عالمي جديد ولفضيلة عربية استمدها من كتاب الله وسنة نبيه لتتعارف الشعوب ويجتمع أهل الديانات السماوية على حوار يجمعها في وقت يشهد فيه العالم صراعات مختلفة وتداعيات سياسية واقتصادية زلزلت كيانه يقحمني كل ما يحدث للكتابة عن فارس أكن له ولشعبه الإجلال والتقدير.
هو رجل المهمات الصعبة حين يمسك دفة القيادة.. وهو الأب الحاني حين يتسع قلبه للإنسان مهما بعدت أراضيه وتعددت لغاته.
هو المسلم الحق الذي يستمد شريعته من كتاب ربه وسنة نبيه.. هو الفارس الذي لا تزيده الحياة إلا تصميما وقوة وعزما يملأ قلبه.
هذا هو المليك المثقف وابن الوطن البار.. ابن عبدالعزيز القادم من عمق الصحراء ليرسم بفكره وحكمته خارطة العالم من جديد.
يسكن وطنه في خلجات قلبه.. يتدفق كنبضه فترتدي البلاد في عهده أثواب بهجتها، وتزدان بثقافتها، تتفجر ينابيعها ويزدهر يباسها.. هو ابن البادية الذي أرضعته أصالتها وكرمها وفروسيتها، فجعل من وطنه معبرا لروحه، ومن حياته مشتلاً لحياة الآخرين.
ابتهجنا بإنجازاته العذبة كمطر الربيع.. وسكن عمق ذاكرتنا فعمُرت به..
اليوم اخترت أن أتوقف هنا لأنفض حبري.. وأملأ البياض حياة..
ألوِّحُ للمليك بكفِّ القلب فتعبرُ الروح به فضاءات عالمنا..
ثم أنشد وأنشد أنشد.. يحيا المليك.. للعلم.. والوطن..
***
وأخيراً.. من (زمن لصباح القلب) لفاروق بنجر
تُطلُّ بلادي
تجيءُ المحامل مضفورة بالثمر!
وتُشع ب.. لادي
فيهمي المطر!..
maysoonabubaker@ yahoo.com