كنت أضع أحد معايير تقييمي لمستوى وعي الطالبة الجامعية من خلال ما تقدمه من أسئلة..
وكثيرا ما أحرِّض أبنائي لتكوين أسئلتهم لأتابع مدى وعيهم ومستوى نموه.. فالسؤال ليس هو المفتاح للإجابة، لكنه بدءا المحرض للمكنون ليطفو على السطح..
حاجات الإنسان، مفاهيمه عن الكون والحياة والطبيعة والمعاش، والقيم والأنظمة، والحقوق والحدود، والتفاصيل والعموم، مدى وعيه بقدراته وتكويناته ومهاراته، كيفية معرفته لتنفيذها وتدريبها وأدائها, توقيت بدء الفعل، ومنطلق القول, دوره في هذا المحيط الكبير الذي هو فيه كما السمكة في البحر, معنى أن تكون هذه السمكة الصغيرة في البحر الكبير حتى إذا غابت، أو لم تكن تطفو الحاجة إليها في التكوين الإلهي لهذا البحر، تماما كما هو وجود إنسان على سطح الثرى, فإن لم يكن أو انطوت به أتربته بدت الحاجة إليه، كل شاغر عمّا وجد له أو فيه، محتل بغيره مماثل له، هذا التماثل الطبيعي هو مدى إدراك الإنسان لأبعاده وتحديدا عندما يكون في طور التكوين لثقافته ومعارفه وتركيبة تجاربه..
من يسأل من ؟
ومتى يُسأل السؤال ؟
ومن يقيِّم الإجابة ؟
حجار في طاولة النرد هي الأسئلة..، فيما الإنسان تكوينٌ ضمن هذا الكون هو الإجابة عنها..
وحين أجتمع للمرة الأولى بطالباتي نكون في لقاء أسئلة مهما كانت صغيرة وقريبة من ثقافتهن وخبراتهن إلا أنها كانت مؤشرا لي لمدى حاجاتهن التي كنت أضعها فوق دفتر واجباتي نحوهن..، فكل منهن كانت أسئلتها تقودني لحاجتها، فأعمل قدرا من الجهد لتسديدها ما استطعت.., على أن زمن المحاضرات والحيّز الوقتي خلال فصل دراسي واحد لمقرر واحد لم يكن يتيح فرصا أوسع لتسديد الحاجات، ما لم يكن من نصيب بعضهن ونصيبي أن نلتقي في محاضرات مقررات أخرى فتتسع فرص الإجابة عن أسئلتهن الصغيرة لكنها الكبيرة في سعة التنفيذ..
أما أبنائي فستبقى نوافذ الأسئلة بيننا مشرعة حتى يطويني الثرى، وعندها سيعلمون أن كائنا آخر سيملأ الفراغ وتتحقق لهم مسلمة كبرى إجابة لسؤال كبير من إجابات الله تعالى في تركيبته العظيمة لكونه الكبير جلت قدرته..
لذا : ما أسئلتك؟ من هنا تتعرف نفسك..، فابدأ بالسؤال لتتلمس الإجابة على الأقل لتكون في الهيئة والمكان المناسبين لك في سعة الحياة.