عنيزة - عطا الله الجروان:
دخلت مجموعة من النسوة سوق الأسهم وطموحهن الخروج بمكاسب مالية كبيرة، وأمام إغراءات السوق وقصص المكاسب الخيالية للكثير من المضاربين من الجنسين، ووفرة السيولة النقدية لدى الكثير من النساء العاملات تشجعن ودخلن السوق وهن أشبه بمن نزل البحر وهو لا يجيد السباحة ولم يكن لديه الوقت الكافي للتعلم وزيادة الخبرة، كان دخولهن بجهالة تامة وضعف ثقافة التعامل مع المال فكان نصيبهن الغرق وخسارة الكثير من أموالهن.
تقول السيدة مضاوي بنت محمد: كنت أمتلك سبعمائة ألف ريال سيولة في البنك، وكانت حالة زوجي المادية جيدة فهو يمتلك مجموعة من الورش والمحال ولديه دخل شهري مرتفع وكانت حياتنا مطمئنة هادئة، حتى أغرتني مجموعة من صديقاتي الدخول في سوق الأسهم قبل ثلاثة أعوام، وكانت أحاديثهن تقطر عسلا مصفى، فهن يتحدثن عن مكاسب يومية مرتفعة وكنت أشاهد ذلك ينعكس على حياتهن فمنهن من غيرت أثاث منزلها وأخرى اشترت منزلا إضافيا جديدا وتلك سافرت إلى أوروبا لأول مرة، فقررت بلا مشورة أن أدخل السوق، وكانت ثقافتي صفرا ولكن طبقت المثل الشعبي (مع الخيل يا شقرا)، وذهبت إلى الصالة ومباشرة اشتريت مجموعة من الأسهم في عدة شركات وخلال شهر كانت المكاسب مغرية جدا رغم قلة خبرتي في التعاملات المالية، وتطورت الأمور وبدأت المضاربة عبر الحاسب الآلي وكنت أجلس أمام الشاشة ساعات طويلة وكان زوجي يحذرني من التمادي في السوق وكنت أسخر منه بأنه لا يفهم بالسوق وغرني أن مكاسبي تأتي على طبق من ذهب وأنا جالسة في منزلي، بصراحة أهملت أسرتي كثيرا وتقطعت علاقاتي الاجتماعية مع الكثير من الجيران والعائلة والأصدقاء، وغرقت في العسل حتى بدأت الأزمة وانهار السوق ومروجو الإشاعات يقولون (ما عليكم اصبروا) وصبرت حتى خسرت أموالا كثيرة مما سبب لي انتكاسة نفسية وأصبحت امرأة عصبية جدا وتوترت علاقتي بأبنائي وزوجي لأنهم كانوا يسخرون مني، والآن أعيش على أوهام إعادة رأس مالي الذي يحتاج إلى معجزة ليعود.
وفي حالة أخرى تحدثت السيدة أم ربيع، وهي امرأة في العقد الرابع من عمرها وغير متزوجة تقول الحالة المادية لأسرتي ممتازة، وأنا إنسانة فضلت العمل الحكومي على الزواج، وتكونت لدي سيولة نقدية وعقارات مختلفة، ومع طفرة الأسهم دخلت سوقها وأنا فقيرة فنيا وبعد شراء مجموعة كبيرة من الأسهم في شركتين شاهدت المؤشر يرتفع والمكاسب تأتي متتابعة وتوسعت في شراء أسهم أخرى، وهكذا، وبعد سنتين زاد طمعي وخرجت من العمل الحكومي وتفرغت للأسهم وكنت ألاحق المنتديات والإشاعات في كل مكان وانصرفت عن أسرتي تماما؛ فكل حياتي صارت أسهما في أسهم، ولا أجلس إلا مع نساء يتعاملن في السوق، وتوترت علاقاتي بعد عدة خسائر تعرضت لها وزاد التوتر حدة بعد خسارتي الكبرى التي أخرجتني من السوق، وقد بعت جميع العقارات التي أمتلكها وقبلها بعت نفسي لسوق لا ترحم، واليوم أعيش فترة زمنية من عمري صعبة للغاية فأمام خسارتي لأموالي أحاول جاهدة أن أعيد تحسين علاقاتي الأسرية والاجتماعية فأنا اجتماعية للغاية وأحب الاجتماعات الأسرية والعائلية كثيرا ولكن السوق سلبت مني كل ذلك.
أم وفاء تقاعدت من العمل في مجال الصحة بعد عشرين عاما، كونت خلالها ثروة تقدر بأكثر من نصف مليون ريال، تقول: أملك مجموعة كبيرة من الأسهم (الحمراء) الخاسرة والتي ذهبت بمالي كله وخسرت معها زوجي الذي انفصلت عنه بسبب حبي للعمل في سوق الأسهم وعدم اكتراثي بأنه ظل وحيدا لمدة عامين حيث إنه يعمل في منطقة أخرى ورفضت السفر معه لأتفرغ للأسهم التي خسرتها جميعا، وأنا ألوم نفسي كل يوم لأن الجشع فرق بيني وبين زوجي الذي كان ينصحني كثيرا بألا أندفع بتهور في سوق الأسهم، وأن أحاول زيادة خبرتي في السوق وأن أدرس وأتعلم فنون التعاملات المالية وقراءة المؤشرات اليومية للسوق، ولكن كنت أبيع وأشتري على (النية)، ومع كل رسالة جوال توصية أقفز واشتري أو أبيع ومع بدايات الأزمة نصحني أخي بالخروج، ولكن رفضت واستمررت حتى وقع الفأس في الرأس.