تفاعلاً مع ما يشهده العالم من احتفاء بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ظهرت بعض الكتابات والأخبار في الصحف السعودية والمنتديات الإلكترونية، وتابعت بعض المحطات الفضائية التلفازية المناسبة وبثت بعض التقارير واللقاءات الدولية والعربية، وإن غابت التقارير المحلية التي تتناول وضع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، في محاولة للبعد عن أي إحراج، أو التعرض لعتاب أو حتى غضب الجهات التي قد يتعرَّض لها واضعو التقارير باللوم وكشف سلبياتها.. ولكن بالرغم من هذا وذاك فإن الاهتمام بحقوق الإنسان السعودي خصوصاً وفي المملكة بصورة عامة حيث تتسع دائرة الاهتمام بحقوق الإنسان للمواطنين والمقيمين على حد سواء، فالاهتمام بازدياد وثقافة حقوق الإنسان يتسعان حتى قبل أن تحل الذكرى الستين لتوقيع الاتفاقيات الدولية عام 1948م.
في المملكة الآن جهتان مهتمتان بحقوق الإنسان ومتابعة قضاياه.. واحدة حكومية (هيئة حقوق الإنسان) يرأسها شخصية سعودية محترمة ومقدّرة ومحبة للعمل التطوعي هو الأستاذ تركي بن خالد السديري، وقد ساعدت شخصيته ومحبة الناس والمسؤولين له ولنائبه الدكتور زيد الحسين وأعضاء مجلس الإدارة الآخرين في تحقيق انفراج للعديد من القضايا في الوزارات والمؤسسات، وحرَّكت تلك القضايا التي كانت غائبة أو مهملة لعدم وجود من يهتم بها سابقاً.. كما أن هناك الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي وإن كانت سابقة في الإنشاء إلا أن نشاطها أقل من الهالة الإعلامية التي تحيط بها أعمالها.
وصدقاً فإن هيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية، أوجدتا مفهوماً جديداً في ثقافة المجتمع واعتباراً لحقوق الإنسان، المواطن والمقيم، ومثلما أسلفنا فقد حلَّت كثيراً من القضايا وعملت هيئة حقوق الإنسان بالذات بإنصاف وانتزاع حقوق الكثير من المواطنين والمقيمين، فيما أسهمت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالتعريف بحقوق الإنسان من خلال نشاطها ووجودها الإعلامي المكثف، لكن ومع هذا فلا تزال قطاعات كثيرة من السعوديين لا يعرفون شيئاً عن حقوق الإنسان ونشاط الهيئة والجمعية مما يحتاج إلى جهد كبير ومضاعف من قِبل كل مهتم بأن يحظى الإنسان بالعيش بكرامة وأن يحصل على حقوقه في السكن والإقامة والحصول على العلاج الصحي ويمارس حقوقه دون ضغط طالما لا يؤثر على حقوق الآخرين ولا يخرق القوانين والأنظمة، وهذا يتطلَّب التعريف بحقوق الإنسان ونشر ثقافة الحقوق وزيادة الجوانب التوعوية من خلال احترام هذه الحقوق عبر وسائل الإعلام، وتوجيه منسوبي الوزارات والدوائر الرسمية خصوصاً ذات العلاقة المباشرة بالجمهور، بالالتزام ببنود حقوق الإنسان وتمكين المواطنين والمقيمين من معرفة حقوقهم، وهذا يتطلب أولاً إطلاع الموظفين والمواطنين والمقيمين جميعاً على بنود اتفاقيات حقوق الإنسان، وما للإنسان من حقوق وما عليه من واجبات من خلال العمل على تنفيذ خطة كاملة لنشر ثقافة حقوق الإنسان، تعمل الآن هيئة حقوق الإنسان على رفعها لمقام خادم الحرمين الشريفين تمهيداً لإقرارها والبدء في تنفيذها حتى تصبح جزءاً هاماً من ثقافة وقيم المجتمع السعودي.. المجتمع المسلم الذي أول من تبنى ونفذ حقوق الإنسان بمئات السنين قبل توقيع الميثاق الدولي لحقوق الإنسان.