يحتفل العالم سنوياً في العاشر من ديسمبر بيوم حقوق الإنسان، وقد أصبح لدى الكثيرين اعتقاد أن الأيام التي يخصص لها احتفال تعني أن ما يحتفل فيه كان مهملاً وسيهمل بعد الاحتفال!
حقوق الإنسان من الكلمات التي بدأت تطرق الأسماع منذ عدة أعوام، تستخدمها دول للضغط على دول أخرى؛ لأهداف سياسية وليس إنسانية، لكن من ينقذ الإنسان من ظلم أخيه الإنسان الذي يظلمه ويعتدي عليه ويعذبه ويحاصره ويقتله ويقطع عليه طريق حريته وأمنه وسعادته. على مر الأزمان لم يكن للإنسان عدو أكثر من الإنسان نفسه؛ فمنذ أن خلقه الله وطلب منه إعمار الأرض وهو يفتك بالطبيعة مدمراً لها، معادياً بني جنسه، يحاربهم ويغزوهم ويقتلهم ويدمر بلدانهم ويقتل رجالهم ويسبي نساءهم؛ ولذلك جاءت الأديان كأول مصدر ومشرع لحقوق الإنسان وتأمين عيشه بحياة كريمة! وتلك الحقوق تقترب وتبتعد من التطبيق بقدر ما يكون البشر ملتزمين بتعاليم الدين باعتباره أهم وأفضل مصادر التشريع التي تحفظ للإنسان كرامته وأن يعيش بأمن وسلام! ولكن كيف يحصل الإنسان على حقوقه إذا كان في الأساس يجهل ما هي تلك الحقوق؟! والجاهلون بحقوقهم معاناتهم تختلف عن معاناة بشر آخرين يعرفون حقوقهم جيداً ويرون أنهم لم يحصلوا عليها، فهم يشقون في الحصول عليها وترتفع المطالبة بها بحسب سقف الوعي لديهم. إن جهل الإنسان أو تجهيله بحقه أو منعه أن يحصل عليه ليس في مصلحة الأمان الاجتماعي بشكل عام، وكان من المفترض على اللجان والهيئات التي أُنشئت من أجل حقوق الإنسان أن تُعرّف الناس أولا ما هي حقوقهم التي هي في نفس الوقت واجبات عليهم تجاه الآخرين، وبذلك يرتفع منسوب الوعي لدى المجتمعات، ولكن (الحيص بيص) الذي تعيشه المجتمعات والمحاولات غير الجادة من منظمات وهيئات حقوق الإنسان وغير المستمرة لن يتعدى أثرها الاحتفال بيوم يتيم يمر بعد أن يكتب موظفو العلاقات العامة بتلك الهيئات تقاريرهم عن مدى تفعيلهم لذلك اليوم، مزودة بصور ملونة وأخبار ومقالات صحفية! وبالرغم من بعض المحاولات والنجاحات التي تحققها المنظمات والهيئات إلا أن الصورة تبدو قاتمة جداً في ظل احتلال دول لدول أخرى لنهب مواردها والعبث بأمنها وتجويع شعوبها بشعارات تصدير الديموقراطية والمحافظة على حقوق الإنسان!
alhoshanei@hotmail.com