الوطن هو العش الظليل الذي نعيش فيه، وهو الملاذ الذي يظللنا عن كل ما يؤذينا، وهو الأم الرحوم الذي يغذينا من خيراته وتظللنا سماؤه وتحملنا أرضه ونسعد بطيب هوائه، ونشتاق له عندما نفارقه، والوطن هو الذي يعيش فيه البدوي في بيت الشَّعر مع إبله وغنمه وسط صحرائه، ويعيش فيه الحضري في قصره بين أهله وذويه.
ما أجمل الوطن عندما يحتفل به الأطفال بين الكبار، عشت صبيحة يوم السبت 18-10-1429هـ في مدرسة الفاروق الابتدائية في محافظة الرس كما عاش سواي من المواطنين في هذا اليوم في مدارسهم في أرجاء المملكة، حيث سعدت بدعوة وصلتني بالهاتف الجوال من المدرسة مفادها (أخي ولي الأمر .. غداً السبت تحتفل الفاروق باليوم الوطني فنرجو منكم مشاركة ابنك معنا هذا الاحتفال بلباسه وحمل العمل أو صورة قادة المملكة)، فحرصت على مشاركة المدرسة. ما أجمل هذا الوفاء من المدرسة ومنسوبيها لعلم بلادي ولقادتها حفظهم الله وأيّدهم.. هذا الوفاء الذي ينم عن الحب لعلم بلادنا الذي يحمل راية التوحيد وعن التقدير والإجلال لقادتنا الذين يبذلون ويضحون من أجل حفظ الأمن ليعيش المواطنون في رغد من العيش.
أقول: عشت لحظات سعيدة بين إخوتي مدير المدرسة ووكيلها ومعلميها وبعض من أولياء أمور الأطفال الذين تحويهم المدرسة.. الأطفال يصطفون بانتظام جميل، والمعلمون يسيرون بينهم ينحنون على هذا يقبلونه، ويهمسون في أذن ذاك بعبارات الحب والتشجيع، ويربتون على كتف الثالث بالعطف والحنان، ومنهم من يقوم بتصوير الطلاب داخل الطابور والصوت يردد ألفاظ السلام الملكي باستمرار:
سارعي.. للمجد والعلياء..
مجّدي لخالق السماء..
وارفعي الخفاق أخضر..
يحمل النور المسطر..
رددي الله أكبر.. يا موطني..
موطني.. قد عشت فخر المسلمين..
عاش المليك.. للعلم.. والوطن.
والأطفال جميعهم يلبسون فوق رؤوسهم القبعات أو التيجان التي تحمل شعار الوطن.. ويتوشحون بالأوشحة الخضر التي تحمل عبارات الحب والتقدير لوطننا وقادتنا، ويرفعون بأيمانهم الأعلام التي تحمل راية التوحيد وهي تتمايل بتناسق منتظم مع فقرات النشيد الوطني، كما أعجبني رؤية بعض المعلمين وهم يوزعون الأعلام والأوشحة على الطلاب الذين لم يحضروا معهم شعارات الاحتفال، والآخرون يرحبون بأولياء أمور الطلاب ويشكرونهم على المشاركة بكل فخر واعتزاز بشموخ الوطن وعزته ورفعته وعلامات البشر والسرور تبدو على محيّاهم وهم يلقون عليهم عبارات الترحيب.
وأخيراً لك يا وطني حبي وأمنياتي، بأن تكون مرفوعاً أمام الأمم، راسخاً كما الجبال الراسيات، متمسكاً بدين الإسلام، رافعاً راية التوحيد عالياً، تحكي للعالم قصة الحضارة الإسلامية التي بناها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم على هدى من تعاليم الشريعة الخالدة، كما أرجو لوطني دوام الرفعة والمنعة وأن يكفيه شر الحساد وأن يجنبه كيد الأشرار.
أشكر منسوبي مدرسة الفاروق في محافظة الرس، وكل من ساهم في الاحتفال بيوم الوطن داخل المدارس والمصالح الحكومية من المعلمين والموظفين والطلاب كلٌ في موقعه، وأرجو لهم العون والتوفيق.
وأخيراً: إني أحب أن أراك كما أهواك يا وطني.
وللجميع مني صادق الود والمحبة.
- الرس
aa10@maktoob.com