اعتاد المستهلك على مشاهدة إعلانات ترويجية لمنتجات استهلاكية وغذائية تحث على شراء منتج والحصول على المنتج نفسه مجاناً، ولكن ما لم يعتده أن يشاهد إعلاناً ترويجياً قام بطرحه أحد موزعي بيع السيارات في الولايات المتحدة والذي نص على العبارة التالية: (اشتر سيارة وخذ الثانية مجاناً). وهذا الإعلان حقيقي وليس مزيفاً ونشر في بعض الصحف الأمريكية، وهو أتى ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ما تعانيه صناعة السيارات الأمريكية من تدهور وخسائر متأثرة بالأزمة المالية العالمية.
وتشير الإحصائيات إلى أن مبيعات السيارات في الولايات المتحدة انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 15 عاماً، الأمر الذي زاد من مصاعب شركات صناعة السيارات الأمريكية الثلاث الكبرى فورد وجنرال موتورز وكريزلر، وأظهرت الإحصائيات تراجع مبيعات السيارات من 18.1 مليون سيارة في نوفمبر 2007 إلى 747 ألف سيارة في الشهر نفسه من عام 2008، أي بتراجع قدره 7،36 في المائة. آخر التوقعات تشير إلى أن مبيعات السيارات الأمريكية خلال عام 2009 ستنخفض بشكل كبير وسيتبعها انخفاض في الأسعار بسبب توفر فائض من السيارات وعزم وكلاء وموزعي السيارات تصريفها لسداد الديون المتراكمة عليهم. الأزمة المريرة التي يعاني منها قطاع السيارات في أمريكا تهدد بإغلاق عدد من كبار المصانع وتسريح آلاف العمال في وقت طالبت فيه الشركات الثلاث الكبرى في الولايات المتحدة بدعم حكومي يقدر بحوالي 34 مليار دولار لإنقاذها من الإفلاس ربما ترتفع إلى 75 مليار دولار وفق تقدير بعض الخبراء لوضعها على بداية المسار الصحيح، وقد قوبل هذا الطلب بالرفض من مجلس الشيوخ.
النتائج المترتبة على الأزمة لم تقف عند حد السيارات الأمريكية فقط، بل امتدت إلى السيارات اليابانية وستصل للسيارات الأوروبية الأخرى. فقد ذكرت تقارير صحفية أن شركة تويوتا موتور كورب أكبر منتج سيارات في اليابان خفضت مبيعاتها المستهدفة للعام 2009 بمقدار مليون سيارة تقريباً لتصل إلى أقل من 8.5 مليون سيارة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية. وفي أوروبا، توقع الرئيس التنفيذي لشركة فيات أن تتقلص شركات السيارات بالعالم لتصبح ستة لاعبين كبارا فقط، وقال (سوف تجد كبرى شركات السيارات نفسها مضطرة للاندماج من أجل البقاء والتغلب على آثار الأزمة المالية العالمية).
المؤكد أن صناعة السيارات حول العالم تمر بأزمة خانقة وهو ما سينعكس بالطبع على أسعار بيعها لدينا في الخليج، وهناك توقعات شبه مؤكدة بانخفاض أسعارها في السوق الخليجي مع بداية العام القادم بسبب سعي الشركات المنتجة للتخلص من مخزون السيارات في السوق الأمريكي الذي يقدر بالملايين أملاً في تحقيق السيولة المناسبة. ولكن السؤال هل سيلتزم الوكلاء المحليون بتخفيض الأسعار في السوق المحلي أم سيستمرون في استغفالنا وكأن الأزمة التي تحدث في الدول المنتجة والمصدرة للسيارات لا تعنينا خصوصاً وأن بعض الوكلاء المحليين يديرون سوق السيارات باحتكارية تامة غير آبهين بما يحدث في العالم.
* Fax2325320@yahoo.com