لقد بينت التجارب أن أفضل الحلول لمشكلات التعليم لا تظهر غالباً إلا في أوقات الشح وضعف الدعم المالي، فالوفرة المالية لم ولن تحقق بمفردها (أقول بمفردها) لأي أمة نظاماً تعليمياً متميزاً وفعَّالاً.
إن قدرة التعليم على الاستفادة مما يخصص له من أموال تعتمد بشكل أساسي على مدى تمكن قياداته وحكمتهم ومهنيتهم في توجيه صرف المال نحو تحقيق إنجازات تعليمية نوعية.
هذا الحديث لا ينفي بالطبع أن المال يبقى دائما مطلبا جوهريا لتطوير التعليم، لكنني أسأل: ما فائدة المال عندما يكون تحت تصرف وتدبير من يفتقدون الرؤية التعليمية الإصلاحية المستقبلية؟ إن وفرة المال يصاحبها أحيانا تراخ في الأداء وتعامي عن الأخطاء وانعدام للمساءلة. في مثل هذا المناخ يتم عادة إنفاق المال بتهور وبلا ضابط.
دعونا هنا نسأل مرة أخرى: ما فائدة المال إذا سيطرت على التعليم نظم وقوى إدارية ومالية بيروقراطية متكلسة تخنق كل محاولة للتطوير؟ تذكروا أننا سبق وأن مررنا بطفرة مالية كبيرة لم تحرك ساكنا في تعليمنا.
إليكم وصفة الحل الجذري: اختاروا قيادات تعليمنا وفق معايير مهنية موضوعية متشددة، خلصوهم من طغيان البيروقراطية، ثم أخضعوهم للمساءلة من قبل هيئة تعليمية عليا مستقلة عن الوزارة.