قال أبو عبد الرحمن: ذوو الخِبْرة اللغوية - مفردةً، وصيغة، ورابطة، ونحواً، ونحواً ثانياً (البلاغة) -، وذوو الإيقاع الأخَّاذ إذا طارحوا أكفاءهم بروحٍ رياضية، ومودَّة صادقة: فإنهم عندما يَحْتَدُّون (من الحِدَّة، وهي الشدة في الخصام) يسخرون سخريةً لاذعة تبضع اللحم وتقف دون العظم... |
...ولا يلحقهم مَأْثَمٌ شرعي، ولا عيب اجتماعي؛ لأن الجملة ذكيةٌ تقيَّة، وأول مَن يطرب لِلَّذعات الملذوع نفسه؛ فهذه أحسن الله إليكم المطارحات الجمالية الواعية المتورِّعة.. وبخلاف ذلك العربجة، وهي كلمة دخيلة، ولكنها المعمول بها الآن، وهي تعني شتائم السفهاء وتنابزهم.. والعربجيون معنى هم الذين عناهم الإمام أبو محمد ابن حزم رحمه الله تعالى بقوله: ((أشدُّ الناسِ استعظاماً للعيوب بلسانه هو أشدُّهم استسهالاً لها بفعله، ويُتَبيَّنُ ذلك في مُسافهات أهل البذاء، ومشاتمات الأرذال البالغين غاية الرذالة من الصناعات الخسيسة من الرجال والنساء: كأهل التعيُّشِ بالزمْر، وكنس الحشوش (1)، والخادمين في المجازر، وكساكني دور الجُمَل (2) المباحة لكراء الجماعات، والساسة للدواب؛ فإنَّ كل من ذكرنا أشد الخلق رمياً من بعضهم لبعض بالقبائح، وأكثرهم عيباً بالفضائح، وهم أوغل الناس فيها، وأشهرهم بها)) (3). |
قال أبو عبدالرحمن: هؤلاء المساكين يظنون أن لهم حقّاً في تدبير سياسة البشر، وقد مر بي كليمة للإمام ابن حزم رحمه الله تعالى عن اثنين من أصحاب الحشوش الذين يُنظِّفون الكنيف (يدان تحثوان، وأُخريان تُفرغان)؛ فقال أحدهم وهو يحاور أخاه ((لقد سقط المأمون من عيني منذ خرج على أخيه الأمين))؛ فانظر إلى طموح هذا الكنيفي(4)، ووعيه السياسي مع أن الأمين ابن الحرة ليس في حنكة ودهاء وعلم المأمون. |
قال أبو عبدالرحمن: ولكن ليست كل عربجة كعربجة أهل الحشوش، بل توجد ولله الحمد عربجة أرقى من ذلك يتحلَّى بها من ينتسب إلى القلم والعلم والثقافة والفكر بسببٍ ما ولو كان هشَّاً (وإن كان فؤاده منهن أفرغ من فؤاد أم موسى عليهما السلام) (5)، وهؤلاء هم المعنِيُّون بقول الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى: ((ولقد تسبَّبْتُ إلى سؤال بعضهم في رفق ولين عن سبب علوِّ نفسه، واحتقاره الناس؛ فما وجدت عنده مزيداً على أن قال لي: (أنا حرٌّ.. لستُ عبدَ أحد)؛ فقلت له: (أكثر من تراه يشاركك في هذه الفضيلة؛ فهم أحرار مثلك إلا قوماً من العبيد هم أطول منك يداً، وأمرهم نافذ عليك وعلى كثير من الأحرار)؛ فلم أجد عنده زيادة، فرجعت إلى تفتيش أحوالهم ومراعاتها، ففكَّرتُ في ذلك سنين لأعلم السبب الباعث لهم على هذا العُجب الذي لا سبب له؛ فلم أزل أختبر ما تنطوي عليه نفوسهم: بما يبدو من أحوالهم، ومن مراميهم في كلامهم؛ فاستقرَّ أمْرُهم على أنهم يُقَدِّرون أن عندهم فضل عقل، وتَمَيُّز رأي ٍ أصيل لو أمكنتهم الأيام من تصريفه لوجدوا فيه مُتَّسعاً، ولأداروا الممالك الرفيعة، ولبان فضلهم على سائر الناس.. ولو ملكوا مالاً لأحسنوا تصريفه؛ فمن ههنا تسرَّب التِّيْهُ إليهم، وسرى العجب فيهم، وهذا مكان فيه للكلام شَغَبٌ عجيب، ومعارضةٌ مُعْتَرَضَةٌ، وهو أنه ليس شيئٌ من الفضائل (كلَّما كان المرء منه أعرى قَوِيَ ظنُّه في أنه قد استولى عليه، واستمرَّ يقينه في أنه قد كَمُلَ فيهِ) (6) إلا العقل والتمييز؛ حتى أنك تجد المجنون المُطْبِقَ، والسكران الطافح يسخران بالصحيح، والجاهل الناقص يهزأ بالحكماء وأفاضلِ العلماء، والصبيانَ الصغارَ يتهكمون بالكهول، والسفهاء العيّارين (7) يستخفون بالعقلاء المتصاونين، وضعفةَ النساءِ يستنقصن عقول أكابر الرجال وآراءَهم.. وبالجملة فكلما نقص العقلُ توهَّمَ صاحبه أنه أوفر الناس عقلاً، وأكمل تمييزاً.. ولا يعرض هذا في سائر الفضائل، فإن العاري منها جملة يدري أنه عارٍ منها وإنما يدخل الغلط على من له أدنى حظٍّ منها وإنْ قل (8) فإنه يتوهَّم حينئذ (إن كان ضعيف التمييز) أنه عالي الدرجة فيه، ودواء من ذكرنا الفقر والخمول؛ فلا دواء لهم أنجع منه، وإلا فداؤهم وضررهم على الناس عظيم جدّاً؛ فلا تجدهم إلا عيَّا بين للناس، وقَّاعين في الأعراض، مستهزئين بالجميع، مجانبين للحقائق، مكبِّين على الفضول.. وربمَّا كانوا مع ذلك متعرضين للمشاتمة والمهارشة، وربَّما قصدوا الملاطمة والمضاربة عند أدنى سبب يعرض لهم))(9). |
وأرقى هذا النوع من العربجة عوامٌ منتسبة تقليداً إلى مذهب الإمام مالك رحمه الله، وقد وصف الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى وصفاً دقيقاً مَبْلَغَهم من العلم في رسائله وفي الإحكام، ولم يراعوا إمامة الإمام ابن حزم علماً وفكراً، ولم يشكروا له التحرُّرَ من الوجاهة الدنيوية والوزارة التي كانت له ولأبيه؛ ليتفرَّغ لنشر العلم بصدقٍ حسبةً بلا مداهنة؛ فكتبوا له هذه العربجة التي قال عنها أبو محمد: ((أما بعد: فإن كتابين وردا عليَّ لم يكتب كاتبهما اسمه فيهما؛ فكانا كالشيئِ المسروق المجحود، وكابن الغيَّة المنبوذ.. كلاهما تتهاداه الروامس بالسهب الطوامس؛ فأجبنا عن الأول بما اقتضاه سَفَهُ كاتبه (10)، وهذا جوابنا عن الثاني: أما استعاذته بالله من سوء ما ابتلانا الله به - فيما زعم - من الطعن على سادة المسلمين، وأعلام المؤمنين، وقَذْفِنَا لهم بالجهل، والقول في دين الله تعالى بما لم يأذن الله به؛ فليعلم الكذاب المستتر باسمه استتارالهرَّةِ بما يخرج منها أنه استعاذ بالله تعالى من معدوم.. حاشا لله أن يكون منا طعْنٌ على أحد من أعلام المؤمنين وسادة المسلمين، أو أن نقذفهم بالجهل، أو أن نقول في دين الله بما لم يأذن به الله؛ وإنما وصَمَنَا بذلك (جسارة وحيفاً فيما نسب) وَصْمَ جيل معرضين عن القرآن والسنن، متدينين بالرأي والتقليد لا يعرفون غيره، مخالفين لكلِّ إمام سلف أو خلف.. وأما من كان مجتهداً مأجوراً أجراً أو أجرين فليس ممن يُهمِل لسانَه، ويطلق كلامه بما ضررُهُ عليه عائدٌ في الدنيا والآخرة)) (11)، ولمَّا فَنَّدَ أكاذيبهم ذَكَر هذه العربجة وَفَنَّدَها: ((ثم قال: (فانتبه أيها الجاهل، واعرف منزلتك؛ فإنك جاهل بمقدار نفسك).. قال علي (هو أبو محمد رحمه الله): ((فلو أوصى نفسه بهذه الوصاة أو قَبِلَها لوفِّقَ، فهي والله صفته يقيناً.))، ثم قال: (وحالك عند أهل التحصيل على وجهين: أحدهما ضعف العقل وقلة التمييز، والثاني خبث السريرة، وقصد التمويه والتطرُّق إلى أسبابٍ قد تريدها (12).. والله تعالى بالمرصاد، وعالمٌ سرائرَ العباد).. قال علي: (فليعلم هذا أن هذه هي صفاته، وأما تشنيعه بما ذكر فمنزلةُ نهيقِ ناهق وعواء عاو، ولن يعدم على ذلك خزياً من الله عاجلاً وآجلاً، ومقتاً من عباده عوداً وبدءاً والله حسيب كلِّ ظالم).. وأما قوله: (لئن لم تنته من رقدتك، وتستيقظ من غفلتك، وتبادر إلى التوبة من عظيم ما افتريت: فسيردُ فيك وفيمن يقصدك (13) ويترك أن يقيم فيك حق الله من أجوبة أهل العلم في أقطار الأرض ما ستعلمه.. وأرجو أن يُرِيحَ الله منك العبادَ والبلادَ دون ذلك (14)، أو يصلحك إن كان قد سبق في علمه ذلك، ولتعلمنَّ أيها الإنسان نبأه بعد حين)) (15)، ثم رد على آخر كلامه بقوله: ((وأما قولك: (أرجو أن يريح الله منك العباد والبلاد) فإنما يريح الله من الكافر العانِدِ عن كلام الله وسنَّةِ نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأما المؤمن فمستريح، وما أقولُ لك إلا كما قال جرير: |
تمنى رجالٌ أن أموت وإن أمت |
لعل الذي يبغي وفاتي ويرتجي |
فتلك طريق لست فيها بأوحد |
بها قبل موتي أن يكون هو الردي(16) |
والله لئن متُّ ما أسدُّ قبوركم، ولا أُوفِّر عليكم رزقاً، ولأَرِدَنَّ على رب رحيم وشفيع مقبول (هو عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم)؛ لأني كنت تِبْعَ كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا أتخذ دونهما وليجة.. لكن إن مت أنت فتقدمُ على رب خالَفْتَ كتابه، وعلى نبي اطَّرَحْتَ أوامره ظِهْرِيَّاً، وأطَعْتَ غيره دونه؛ فأعِدَّ للمسألة جواباً، وللبلاء جلباباً.. وسترد فتعلم، ولا عليك إن متُّ عاجلاً أو تأخر موتي؛ فلقد أبقى الله تعالى لك ولأمثالك مما أعانني الله ووفقني له (يعني مؤلفاته) حزناً طويلاً، وخزياً جزيلاً، وكسراً لكلِّ رأي وقياس، ونصراً للسنة مُؤَزَّراً.. ولينصرنَّ الله من ينصره؛ فهل تَرَبَّصُون بنا إلا إحدى الحسنيين)) (17). |
قال أبو عبدالرحمن: هذه هموم مُشْتَرَكَة بين العبد الضعيف وبين الإمام الكبير (ولم ينتهِ الاشتراكُ بَعْدُ) أردت أن أُسَلِّي بها نفسي، وأعود الآن إلى (الإنترنت) فهو أداة توصيل سريعة عامة، ولكنه موضوعيّاً استُغِلَّ ضدَّ هُوِيَّتنا الدينية والقومية والوطنية واللغوية والتاريخية، وَوُجِهَ به آلامنا وآمالنا بما يمزجنا بالريح.. والإنترنت شكلاً مليئة بالعربجة الراقية من المنتسبين إلى القلم بسبب؛ فمن كان ذا روح رياضية، وعنده صبر القاضي: فإنه يستمتع بالإشراف على الإنترنت؛ ليصغي أولاً إلى كلام العقلاء المليح، ويعتبر - كما اعتبر الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى - بذوي العربجة !!.. وأما من كانت تؤذيه اللجاجة، ولا يتحمَّل سماعها أو رؤيتها: فخيرٌ له أن يتجاهل الإنترنت قراءة وسماعاً.. مع أنه سيفوته مالم يَفُتْ ذا الروح الرياضية. |
ومناسبة هذا الهمِّ أنني لما كتبتُ حول براءتي من كتاب صدر حديثاً، وأُقْحِمْنا نحن الضعفاء في أشراف قريش: هاج الإنترنت وماج، وأطلعني بعض الإخوان على حصيلته؛ فرأيت المشاركين ثلاثة أنواع: ذا علم وفكر، وهو صادق في تحرِّ الحق.. وآخرَ قصرت مداركه عن فهم بعض ما قلته، وثالثاً هم الداء الذي ذكره الإمام أبو محمد رحمه الله.. وههنا لا يتسع المقال إلا لاستغراق أقوال أهل القسمين الأوَّلين، وشكري لهم، وبيان دافعي للكتابة والبراءة؛ فأول المشاركين الدكتور طلال ماجد عشقي، وقد قال حفظه الله: ((صندوق بريد 394 الرياض 11323.. هكذا عرفتك أبا عقيل منذ أكثر من أربعين عاماً: لا تصمت عن مخالفة، ولا ترحم في مغالطة، ولا تسكت عن مكاذبة، ولاتهرب في مناورة (بالمعنى الحربي).. ومع ذلك كله لا تكتم مداعبة، ولا تخفي مخالجة.. إني أرى فيك مذ عرفتك ابنَ حزم هذا الزمان (ليس في المذهب ولكن في الصفات): رجلاً صريحاً صادقاً باحثاً علَّامة. أخوك المحب د طلال عشقي)) |
قال أبو عبدالرحمن: شكراً للدكتور حُسْنَ ظنِّه، ولو كانت زخَّات المطر هذه هجاءً لطربت لها أيضاً؛ لأنها بإيقاع أخَّاذٍ على نحوِ ما أسلفته أوَّل هذه المقالة، وبدأتُ بهموم الإمام ابن حزم لمَّا ذكر الدكتور الإمام؛ فالهمُّ مشترك ولا يزال فيما أبديه الآن من الدافع إلى الكتابة، وهو أنني أُبغض العنصرية من العرب، وأُبغض الشعوبية المنتنة من الزنادقة ابتداءً، ومن المنافقين المتستِّرين، وممن كانت شعوبيتهم رَدَّ فعلٍ للعنصرية العربية.. وأرى القدوة في أئمةٍ غير عرب (أمثال البخاري ومسلم وآل دينار وسفيان بن عيينة وداوود الظاهر ي.. إلخ رحمهم الله تعالى) خدموا لغة العرب، وخدموا شريعة ربهم، وأصَّلوا لموروث، ولم يبخسوا العرب حقهم، بل أكَّدوا بالبراهين أن حُبَّ العرب من الإيمان، وأشاعوا دين ربهم في النهي عن الفخر بالأنساب، وصبروا على بعض إخوانهم من العرب الذين يصفون غيرهم - وهم أهل حضارات وعلمٍ - بالموالي الحمراء.. مع أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما دوَّن الدواوين، وقدَّم العرب في العطاء حسب قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان حريصاً على تقليص الرِّق، وتوسعة مجال العتق، وترك السواد لأهله بلا قسمة، وأشاع روح الأخوة الإسلامية؛ امتثالاً لدين ربه.. وهو رضي الله عنه (وسلفه المعصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتابعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه) رمز العربي المسلم القائد، وشاء الله أن يكون اتساع رقعة العرب والمسلمين على يده؛ فلا كسرى ولا قيصر.. ومع هذا تجد ممن يشاركنا الأُخوَّة الإسلامية ادِّعاءً ذوي زندقة شعوبية يحتفلون كل عام بمقتل عمر رضي الله عنه، ويقيمون احتفالاً تمجيديّاً لقاتله عليه لعائن الله تترى. |
وحبُّ العرب من الإيمان ليس على إطلاقه؛ فكم من عربي لا يساوي مِلْءَ بطنه شعيراً، وإنما حب العرب من الإيمان حبّاً لمعدِنهم الكريم إذا تزكَّى بالإسلام، وحبّاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحُبّاً لدينه، وحُبّاً للعرب أهل القرون الثلاثة الممدوحة الذين وسَّعوا الرقعة وأداروها بعبقرية كامِنة لم تظهر في جاهليتهم، وخدموا العلم مشاركة وحماية وبذلاً.. وفي مجد الدولة العباسية (صحوة الموت) تراجع العرب من الأمة إلى العشائر المتناحرة والأميَّة إلا ما شاء ربك؛ فقام بالأمر دويلات إسلامية مُشارَكَةً، وخلافةٌ إسلاميةٌ مستقلَّة عُمِّرت قروناً بعد انتشار البدع والخرافات.. وهذا مصداق لخبر الله ووعيده لهم إن تولوا، وأخشى: أن ذل العرب، وتمزُّقهم، وما جاء به الخبر من قلتهم آخر الزمان: عقوبةٌ من الله؛ لعدم تركهم أموراً جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكفر العملي لا العقيدي (18)؛ لأن الوعيد جاء صريحاً في قوله صلى الله عليه وسلم - وهو حديث صحيح بطرقه الحسنة - ((إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبِّيَّة الجاهلية، وفخرها بالآباء.. مؤمن تقي، وفاجر شقي.. أنتم بنو آدم، وآدم من تراب؛ لَيدَعنَّ رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن))؛ فهل في الوعيد أبلغ من هذا عن الذِّلة؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الجد المعروف للعرب، والجهل بمن بعده: (ابن أعراق الثرى).. يعني من تراب، وصح قوله صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة رضي الله عنهم: يا ابن ماء السماء: طفَّ الصاعُ، طفَّ الصاعُ.. ومن حُرِم نعمةَ النسب العربي فواجب عليه أن يكون عربيْاً بدينهم الإسلامي، وبلغتهم، وبتاريخهم، وبتركتهم ولاء ودفاعاً. |
(1) الحشوش جمع حش ويريد به هنا الكنيف (الطاهر). |
(2) دور الجمل بيوت البغاء العامة، ويعلق آسين بلاثيوس في ترجمته للكتاب على هذه الفقرة بأنها الشاهد الوحيد الذي لدينا على وجود مثل هذه الدور في قرطبة.. والحق ان ابن عذارى عرض للأمر، ويسميها (دار البنات)، ولدينا إشارات أخرى على أن الدولة كانت تتقاضى ضرائب من العاملات في هذه المهنة، وأن الواحدة منهن كانت تسمى في لهجة الأندلس (خراجية)، وكان يطلق على بيوت الدعارة نفسها دار الخراج (الطاهر).. قال أبو عبدالرحمن: لعل هذه في عهد ملوك الطوائف متأثرين بغير أهل دينهم، وأستبعد أن يكون هذا في عهد الدولة الأموية النجيبة، وأما ملوك الطوائف فهم أراذل عجلوا بإنهاء الدولة الإسلامية العظيمة في الأندلس. |
(3) مداواة النفوس ص236 - 237 بتحقيق الدكتور الطاهر أحمد مكي. |
(4) قال أبو عبدالرحمن: هذا هو الصحيح والأصل، والمادة على (فعيل) لا (فعيلة)، وحكمها عند النحاة في النسب واحد؛ فإذا نسبت إلى (كَنَفَ) فقل (كَنَفِيٌّ). |
(5) قال أبو عبدالرحمن: يُصلَّى عليها ويسلم متابعة واستقلالا؛ لأن الله أوحى إليها في شأن دنياها، وهي أم نبي كريم من ذوي العزم من الرسل. |
(6) قال أبو عبدالرحمن: أبو محمد ذو الأسلوب الجذَّاب كان كلامه هنا غامضاً، ومعنى كلامه أن الفضائل باستثناء العقل إذا عَرِي منها الإنسان علم أنه عارٍ منها، وأما العقل إذا نقص فإنه يَدَّعي الكمال؛ بدليل قوله: (ولا يعرض هذا في سائر الفضائل)؛ لأنه فقد ما هو الميزان في معرفة النقص والكمال. |
(7) العيارون جمع عيار، وهو الرجل الذي يخُلِّي نفسه وهواها لا يردعها ولا يزجرها (الطاهر). |
(8) قال أبو عبدالرحمن: ههنا مربط الفرس؛ فذلك معنى الانتساب إلى نوع من الفضائل يجعل عربجته أرقى. |
(9) مداواة النفوس ص223 - 225 . |
(10) هو يجيد الخط، والمحرِّض له ولعوام الأندلس طُوَيْلب علمٍ من أمثال ابن البارية والعتقي.. انظر رسائل ابن حزم 3-126 . |
(11) رسائل ابن حزم الأندلسي (رحمه الله تعالى) 3- 119 - 120 بتحقيق أستاذي الأستاذ الدكتور إحسان عباس رحمه الله تعالى. |
(12) قال أبو عبدالرحمن: أي سبب يريده وقد زهد في الوزارة والوجاهة، وصدع بما يراه حقّاً، واحتمل الأذى؛ فإن كان يريد الشهرة فبقاؤه في الوزارة والوجاهة، ومهادنته للدولة والناس؛ لينال منصبا دينيا كبيرا أدعى للشهرة، وقد رفع الله ذكره وهو غير قاصد للشهرة. |
(13) يقصد طُلابه الكُثُرَ ولا سيما في ميروقة؛ فلما انتصر عليه العوام سلطةً لا علماً وفكراً، وأحرق بعض ملوك الطوائف أكثر مؤلفاته، وغسلوا بعضها؛ لأنه أعلن في رسالته (التلخيص) أنه لا بيعة لهم بعد سقوط الدولة الأموية الدولة الواحدة، وأن البيعة للخليفة العباسي: انتقل رحمه الله إلى قريته غرب الأندلس على البحر، ولم أستطع تحديدها في رحلاتي للأندلس؛ وذلك أنني لم أوفَّق بالاهتداء إلى أدلاء مؤرخين، وإن كنت وقفت على المنطقة التي تُنسب إليها قريته، وهي أَوْنَبةَ.. وهناك صار يفد عليه صغار الطلبة، وألف هناك (المحلى) اختصاراً من الإيصال؛ فمات رحمه الله ولم يتمه، ثم أتمه من الإيصال حسب وصية أبي محمد أديب لا علم له بالحديث والفقه وطرق الجدل - وهو ابنه أبو رافع الفضل رحمه الله -؛ ولهذا فتتمته المطبوعة مع المحلى لا تساوي شيئا، ولو قدر وجود كل تكملة ابن خليل العبدري رحمه الله تعالى لكانت فتحا مبينا. |
(14) قال أبو عبدالرحمن: هذه لُكنة أعاجم، والمعنى (دون أن نقيم عليك وعلى من يقصدك حق الله). |
(15) رسائل ابن حزم 3-125 - 126 . |
(16) رواية البيت في ديوان عبيد: |
لعل الذي يرجو رداي وميتتي |
سفاها وجبنا أن يكون هو الردي |
والبيتان من قصيدة في ملحق ديوان عبيد بن الأبرص: 80، ولم ينسبهما أحد لجرير، وقال الراجكوتي في ذيل السمط: 104 إنه وجد الشعر في كتاب الاختيارين منسوبا لمالك بن القين الخزرجي، وفي تفسير الطبري 30-145 بيت منسوب لطرفة ابن العبد، وانظر أبياتا من القصيدة والخبر المتصل بها في أمالي القالي 2-218 والعقد 4- 443، ومروج الذهب 3-136، والبداية والنهاية 9-232 .(إحسان). |
(17) رسائل ابن حزم 3-127 . |
(18) قال أبو عبدالرحمن: هذا هو الأصل في استقراء اللغة؛ فإذا جاء ما يلتبس رُدَّ إلى قاعدة ابن مالك النحوي، وهي (الفَعَلي). |
|