كيف يمكن لأمريكا أن تصنع السلام في الشرق الأوسط؟ سؤال إجابته واضحة وسهلة، إلا أن تطبيقه لامس حدود الاستحالة على مدار تاريخ القضية الفلسطينية. والسبب في ذلك أن جميع الإدارات الأمريكية السابقة لم تستطع أن تردع إسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، ومماطلاتها على طاولة المفاوضات. وأمام هذه الحقيقة التاريخية حول السياسة الأمريكية تجاه القضية نتساءل: ما إذا كان الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما سيستطيع أن يكسر قاعدة الاستحالة هذه ويحقق السلام في المنطقة؟. وكيف سيتم له ذلك، خاصة وأن إسرائيل مقبلة على حكومة أشد تطرفا من الحالية، مع الفوز المحتمل لحزب الليكود اليميني المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو؟.
العرب، من جهتهم مدوا يد السلام عبر المبادرة العربية للسلام، وما يزالون يؤكدون رغبتهم في السلام وفقا لهذه المبادرة التي انطلقت من المملكة على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وأيدتها الدول العربية في مؤتمر القمة العربي في بيروت عام 2002م.
وفي الأيام القليلة الماضية بعث الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وعمرو موسى أمين عام الجامعة العربية بخطاب إلى باراك أوباما يؤكدان فيه الموقف العربي تجاه القضية الداعي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطين على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967وعاصمتها القدس الشرقية، والتوصل إلى حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194 وتحقيق الأمن مقابل علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل.
هذا هو الموقف العربي بوضوح شديد، يقابله على الطرف الإسرائيلي موقف غامض، ومماطلة، وتناقضات، وإغراق في تفاصيل التفاصيل من أجل تضييع الوقت وتضييع فرص السلام. وكلما عقدت حكومة إسرائيلية اتفاقا أو تقدمت خطوة في المفاوضات جاءت الحكومة التي بعدها لتعطل الاتفاق، وتعيد المفاوضات خطوات عدة إلى الوراء!.
وإزاء هذا، فإن على الرئيس أوباما أن يكون حازما ومنصفا، وألا يرضخ للضغوط اليهودية داخل أمريكا، وإلا فإن السلام لن يتحقق، وأمريكا ستخسر حينئذ، لأن إسرائيل تستنزف الموارد الأمريكية بحجة الحفاظ على أمنها، كما أنها ستخسر المزيد من مصداقيتها وهو ما لا يليق بدولة عظمى تنادي بحق الشعوب في تقرير مصائرهم، وتتغنى بالديمقراطية والحرية والعدل!.