Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/12/2008 G Issue 13225
السبت 15 ذو الحجة 1429   العدد  13225
دعا وفود الحجيج إلى حفظ الحقوق.. في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام.. ابن حميد:
خدمة الأماكن المقدسة غاية تتطاول لها الهامات

مكة المكرمة - عمار الجبيري:

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل.

وقال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد في خطبة الجمعة التي ألقاها يوم أمس في المسجد الحرام إن من لطف الله ورحمته وفضله ومنه أنه سهل التواصل في هذا الزمان وصارت الحشود القاصدة لهذا البيت الحرام وهذه المشاعر تزداد العام تلو العام والموسم بعد الموسم وقد قيَّض الله للحرمين الشريفين ولاة وخداما في دولة الوحدة والتوحيد ما يتواكب مع هذه المواكب المتزايدة والوفود الوافدة، لقد شرف الله أهل هذه البلاد قيادة وشعباً لخدمة الحرمين الشريفين ورعايتهما والانتساب إلى هذه البقاع الطاهرة والالتزام بشرع الله كتاباً وسنة وان من اشرف مسؤوليات هذه البلاد خدمة الإسلام والمسلمين ورعاية الحرمين الشريفين والبقاع المقدسة لتكون كما اخبر الله سبحانه وتعالى مثابة للناس وأمنا، ان ولاة الأمر في هذه البلاد يبذلون الغالي والنفيس من أجل خدمة ضيوف الرحمن وقاصدي الحرمين الشريفين وخدمتهما واداء المناسك بيسر وسهولة وأمان واطمئنان ابتغاء مرضاة الله وفضله يدل على ذلك تلكم المشاريع الجبارة والتوسعات المتتالية في الحرمين والمشاعر ومشروعات وخدمات يتحقق من خلالها مقاصد الشرع ويتيسر معها أداء العبادات والطاعات وتلبية النداء الطاهر {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} فالدولة بأجهزتها في حالة استنفار ليكون البذل بقدر النداء إن أهل هذه البلاد السعودية بلاد الحرمين الشريفين قيادة وشعبا يرون في خدمة الدين والمسلمين شرفا لا يطاوله شرف ورعاية الأماكن الطاهرة غاية عظمى تتطاول لها الهامات وتسخر من اجلها الأموال والثروات ويتفانى السعوديون بكل ما أوتوا من قوة وما يملكون من طاقة ومشروعات وخدمات تنتظم كل المواقع والاماكن وتدخل في ادق التفاصيل والمسالك ومن يهتم بالتفاصيل لا يسأل عن مهدها جهوداً ومشروعات يبتغى بها وجه الله بعيداً عن المقاصد الإعلامية أو الاغراض السياسية او الاقتصادية.

مشروعات وخدمات تتم وفق خطط مدروسة ورؤى بعيدة ناهيكم بالاجهزة والادارات الخاصة بالحرمين الشريفين ومشروعاتهما وخططهما وقوى أمن الحج والمواسم ومراكز البحوث العلمية مما يجسد الاستمرار والدوام والمتابعة في هذه الخدمة الشريفة والرعاية الكريمة في ضخامة من الجهود وسمو من الأهداف بارك الله في الجهود وسدد الخطى وأحسن المثوبة واجزل الاجور.

لقد شرف الله أهل هذه البلاد قيادة وشعبا لخدمة الحرمين الشريفين ورعايتهما والانتساب إلى هذه البقاع الطاهرة والالتزام بشرع الله كتابا وسنة وان من اشرف مسؤوليات هذه البلاد خدمة الإسلام والمسلمين ورعاية الحرمين الشريفين والبقاع المقدسة لتكون كما اخبر الله سبحانه وتعالى مثابة للناس وأمناً.

ودعا فضيلته الله سبحانه وتعالى أن يتقبل الله من الحجاج حجهم وان يحسن عملهم وان يجعل حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً وان يعودوا إلى أوطانهم سالمين غانمين متقبلة أعمالهم.

وقال فضيلته: وانتم تتطلعون لشهود منافع الحج وحكم التشريع وأسرار الشعائر فهذا هو الحج فريضة محكمة ركن من أركان الإسلام راسخ من خصائصه انه اكبر نفقة واكبر مشقة واعظم تضحية واذا كان الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ومن حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، الحج رحلة العمر والحياة الى بيت الله الحرام تقترن به زيارة مباركة إلى مسجد رسول صلى الله عليه وسلم.

وبين الدكتور ابن حميد أن شعائر الإسلام الصلاة والصيام والزكاة والحج تتجلى فيها جميعاً وحدة المسلمين واتحاد شعائرهم ومشاعرهم تؤدى كلها في أوقات معلومة وشعائر ظاهرة ليس لأحد أن يزيد فيها أو ينقص وان شعائر الإسلام تجمع المسلمين على توجه واحد وتوحيد واحد وممارسة واحدة يستشعرون معاني الاخوة والمشاركة ويشعرون بعظمة التجمع في مسجد الحي ومسجد الجمعة الجامع والمسجد الحرام والمشاعر العظام والمسجد النبوي الشريف وان الحاج يتجمع له ذلك كله في رحلته المقدسة من صلاة ونفقة وسفر ورفقة ينخلع عن أهله وولده ودينه وعمله وراحته لأيام عظيمة ونفحات ايمانية ومشاعر دفاقة، أيام إقبال على الله وابتغاء مرضاته في أماكن طاهرة ومقدسة يتجرد فيها عن الدنيا ومظاهرها، يطرق ابواب الرحمة والمغفرة، يتعرض الى نفحات ربه في هذه المواقف الشريفة في عرفة والمشعر الحرام والطواف بالبيت المحرم وبين الصفا والمروة أيام حج مباركة وأعمال من الطاعات يتوافد فيها الحجيج يحملهم طهر ويحدوهم الأمل من رب كريم في مظهر فريد في دنيا البشر لا نظير له ولا مثيل في أي مكان أو أي زمان إلا لأهل الإسلام.

وأوضح فضيلته ان ملايين البشر من المسلمين اعتزلوا ما ألفوه، الكل في موقف واحد آوتهم الخيام وتجردوا من ثياب الترف والزينة ولئن كانوا في ديارهم يملكون أذواقا مختلفة وأنماطا متغايرة وعادات متباينة وأصواتاً متفاوتة ولغات ولهجات متنوعة فإنهم في يوم عرفة لونهم البياض ولباسهم إزار ورداء ولغتهم التلبية والتسبيح والتكبير والتهليل والدعاء والاستغفار ومشاعرهم مشاعر القرب والابتهال في القلوب ايمان وفي الالسنة ذكر وفي المشاعر رغبات وامال بالفوز والنجاة والقبول والمغفرة.

وقال فضيلته إن من شهود منافع الحج والنظر في حكم التشريع وأسرار الدين ما أعلنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم عرفة في حجة الوداع من معالم الإسلام ومبادئه العظام وما تقتضيه المناسبة ما ذكره من شأن المال ونظامه وتنظيمه، وعالم اليوم يعيش أزمة مالية خانقة، لقد قال عليه الصلاة والسلام فيما قال في هذا اليوم والمشهد الكبير (كل ربا موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)، وفي نظرة موجزة لما عليه نظام المال واقتصاده في الإسلام يتبين أين الخلل وأين المشكلة وأين الحل المال عباد الله له دائرتان دائرة الكسب ودائرة الانفاق أما دائرة الكسب فهي احدى صور العمل ومن كد وعمل فهو حقيق ان ينال جزاء عمله وكسبه من جهده المبذول حسب قدرته وخبراته العلمية والبدنية والعقلية وهذه القدرات والخبرات والقوى تختلف بين الناس اختلافاً بيناً ومن هنا فإن مكاسبهم ونتائج اعمالهم واستحقاقاتهم تختلف كذلك، وفي ميدان العمل والكسب فإن الإسلام يفرق بين الحلال والحرام، فكل درهم يأخذه الإنسان من غير وجهه فهو حرام وسحت، وكل لحم نبت عن سحت فالنار أولى به، من غش وظلم وكذب وتدليس وكتمان واحتكار والمال لا ينتج مالاً والزمن لا يمنح ربا وانما يكسب المال بالعمل والجهد والكد وكل تعد على الآخرين وارتكاب الحيل للاستحواذ على أعمال الناس سحت وحرام ممنوع في شرع الله ودينه وجمع المال واكتنازه من غير أداء حق الله فيه مسلك في الشرع ممنوع ناهيكم بما يحب التحلي به من الأخلاق العالية والقيم الرفيعة والصدقة والبذل والإحسان والرفق والسماحة بالبيع والشراء وحسن الأداء والقضاء، أما الدائرة الثانية فهي دائرة الانفاق فدين الإسلام يدعو إلى الانفاق من غير سرف ولا تقتير بل نهجه النهج القوام مما يبني ثقافة الصرف والاستهلاك الرشيد انفاق يحارب البذخ والسرف والخيلاء والشح والتقتير مما يذهب بالمال من غير وجه ويورث الحسد والبغضاء ويوقع في الفحشاء.

وأشار فضيلته إلى ان الاقتصاد ليس وحدات حسابية أو تعظيما للربح والمنفعة العاجلة والنهم والجشع على حساب الحق والعدل والرحمة والصدق والرفق وحسن التعامل ويكفي من مظاهر الظلم تسريح العمال وازدياد البطالة واذا زاد الانتاج القوا بالفائض في البحر أو النار حرقاً وغرقاً حتى لا ترخص الأسعار وحتى لا يحين الرخاء ولو مات العالم جوعاً وعرياً ناهيكم بالعبث بالأسواق والأسعار وسوء استخدام أجهزة الإعلام لتحقيق المكاسب الحرام وخداع عباد الله.

وتساءل فضيلته ماذا يصنع من يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه ورع يحجزه عن ما حرم الله وحلم يضبط به جهله وحسن صحبه لمن يصحب فلا تحقرن حفظك الله من المعروف شيئا فجنات عدن أعدها الله للذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين.

ودعا فضيلته حجاج بيت الله إلى حفظ حقوق الأخوان والالتزام بآداب الإسلام فان ذلك يمحو آثار الذنوب وظلمة الآثام فيتحرى الحاج كل بر ويتباعد عن كل منكر تقرباً إلى الله وأخوة للمؤمنين مشيراً فضيلته إلى ان الحج في وفوده وحشوده تأكيداً لهذه الارتباطات وتجسيد لتلك المشاعر صفوف في الأبدان وشهود في الأفئدة فالحج رمز الوحدة والتوحيد وعنوان البذل والتضحية وملتقى المسلمين الأكبر يوم الحج الأكبر.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد