عفة شابة في معترك الحياة تقول:
(بجواركِ يطيب الوقت..
أجده ممتلئاً لا ثغرة فيه لغير أن أصغي وألتهم..
دفتر الزمن وإن قلّت صفحاته فهو الوحيد المحبر والمزخرف والمعطر..
كما هو المبعثر المشتت الموشوم برتوق..
وهو المكنون المتجمد والمكفهر..
دفتر الزمن حين أفتحه معك فلأنني أستطيب تذوق حروفه التي لم تدع جملة في الذاكرة لم تسجلها..
وأبحر في دواته المعبقة بمداد التجارب التي تعتقت خلاصة فغدت لي بلسماً لأدواء العبور ومفاجآت الآتي..
أتجول فيه معك في بساتين مثمرة كل شجرة تنوء فيها بفاكهة وأبّا.. وأتأمل معك عجف المواقف ودكن البصمات تلك التي تركتها نفوس لم تكن على نبع صفاء.. أتلمس معك برودة النعيم لماء النهر الذي غمست فيه صفحات الزمان الذي أدخله معك عبر هذا الدفتر فتوشين لي بكل نبتة في نبع هذا النهر لأقتطف منها بذرة أزرعها في دربي حين العودة منه.. وأستدفئ فيه معك من زمهرير ما ترمي به على هاماتنا جبال الثلج التي يقيمها الناس في دروبنا خارجه وحدنا..
دفتر الزمن حين ألجه معك أتدرع بحكمتك من ناره وأبترد من حنانك لأواجه أتونه..
عشرة أيام في كل عام أطير من جدة للرياض لأكون بقرب شمعتك وإناء قهوتك.. وأنت تفتحين لي دفتر الزمن وتبسطين لي سطوره التي أنجزت وخطوطه التي أوشكت.. وترسمين معي خيوطه التي نتقن معاً كيف نلضمها في مخيط التوقع.. معك نغسل البوصلة مما علق بها من غبار الريح.. ونشحذ جذر الشجرة.. ونستهل للدواة ونسن ريشة اليراع.. ونلتقط الحروف من أفئدتنا..
بجوارك أشحذ للذي سيأتي..
حتى إذا ما غادرتك أكون بكامل قدرتي لانتظار ما سيكون..).
***
- نقل حرفي لكلامها وهي ترشف كوباً من الزنجبيل والزعفران تدفئ به أمسية شتاء في الرياض..
- دفتر الزمن يا عفة وحده الذي لا ينتهي..