Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/12/2008 G Issue 13225
السبت 15 ذو الحجة 1429   العدد  13225
كفاءة إدارة الشركات ومعايير انتقاء الأسهم
الدكتور سعود عبد العزيز المطير *

لا شك أن كفاءة إدارة الشركة من أهم المعايير التي يستند إليها عند تقييم أسهم أي شركة، بل إن جميع المعايير الأخرى تعتمد على صلاح الإدارة وحسن كفاءتها. فللإدارة دور مؤثر في نمو أرباح الشركات وتحسن وتنوع نشاطاتها؛ ولهذا يحرص البعض على شراء أسهم الشركات المملوكة جزئياً بواسطة الإدارة؛ لأن ذلك يعطي مالك السهم مزيداً من الثقة بالشركة حيث إن المالكين للشركة هم من يقوم بإدارتها ويسعون في مصلحتها. وبغض النظر عن ملكية الإدارة لجزء من الشركة أو لا، فيُفترض أن تتحلى الإدارة بالأمانة والإخلاص والكفاءة حسب ما يمليه الشارع علينا كمسلمين. كما لا يجب الاقتصار على الرقابة الذاتية، بل لا بد من المتابعة المستمرة من المساهمين لشركاتهم من خلال حضور الجمعيات ومساءلة مجلس الإدارة عن كل ما فيه مصلحة الشركة.

ولـ(وارن بافيت) - أغنى رجل في العالم - فلسفته الخاصة حول الإدارة للشركات، وأنها من أهم العوامل المؤثرة في اختيار الأسهم التي تعتبر جديرة بالاستثمار فيها. ومن ذلك بعض من التوصيات:

1- قم بتقييم الإدارة وقيادات الشركة قبل أن تستثمر بها: فنوع الإدارة هو الوجه الآخر لنوع الشركة، فمثلاً بافيت يعمل ويربح فقط مع الأشخاص ذوي الخلق الحسن، ولم يربح من شركة قيادية تعمل بها إدارة تتسم بسوء الخلق.

2- ابحث عن الشركات التي تعمل لصالح المساهمين: استثمر في الشركات التي تقوم إدارتها بوضع احتياجات المساهمين في مقدمة أولوياتها، وابحث عن التي تطبق خطط إعادة شراء الأسهم حتى ينتفع المساهمون منها.

3- تجنب الاستثمار في الشركات ذات السجلات الحسابية السرية: إن الحسابات الضعيفة تعني أن الإدارة تحاول إخفاء أداء الشركة الضعيف. لا شك أن الفساد المحاسبي يغطي المساوئ الكثيرة للشركات كإخفاء جزء من المديونية أو التقييم الخاطئ للقيمة الدفترية... إلخ.

4- ركّز استثماراتك على أفضل الشركات التي تتحلّى بإدارة صلبة لديها القدرة على توظيف الأزمات لمصلحتها، وعلى المساهم أن يقضي الوقت في مراقبة أداء الشركة وإدارتها وإيراداتها والسيولة المالية بدلاً من مراقبة أسعار أسهم الشركة.

الأسس الاقتصادية والمحاسبية لاختيار أسهم الشركات:

يستخدم وارن بافيت، الذي حقّق رأسمال يعادل 100 مليار دولار من خلال الاستثمار بالأسهم، معايير اقتصادية ومحاسبية متعددة لشراء أسهم الشركات، من أبرزها:

1- معايير متعلقة بأهمية وزن وحجم الشركة: أن تكون قيمة الشركة السوقية أكبر من 500 مليون دولار، وأن تكون قائدة في قطاعها (من الثلاث الأكبر). وهذا يعني كبر حجم الشركة، وأنها من الشركات القيادية المؤثرة في السوق؛ ما يعني مقدرتها على تحمل الكثير من الصدمات والأزمات.

2- معايير متعلقة بأرباح الشركة: أن تتمتع الشركة بمردود عال ومستمر على رأس المال؛ حيث لا يزيد مكرر ربح السهم عن 12.3، وهذا كفيل بتحقيق عائد مُجزٍ، وبمنح أرباح موزعة بمعدل جيد وبشكل مستمر. ليس هذا فحسب، بل إن معدل النمو السنوي يجب ألا يقل عن 20% حسب معيار وارن بافيت. ولا شك أن هذا المعيار سيستبعد أسهم الكثير من الشركات.

3- استقرار سعر السهم؛ حيث تكون نسبة التذبذب في سعر السهم ضعيفة؛ وذلك لأن قيمة السهم السوقية تعكس القيمة الحقيقية للسهم.

4- أن يقل حجم ديون الشركة عن 50% من ممتلكاتها كحد أقصى. ولا شك أن أفضل حال للشركة ألا تكون مديونة، بمعنى أن تكون مديونيتها تساوي الصفر. ومع تزايد المديونية تزيد درجة المخاطرة، فإذا تجاوزت نسبة المديونية 50% فهذا يعني بوادر غير سارة. ومع اقتراب النسبة إلى 100% فهذا يعني أخطار محدقة بالشركة، وأنها قريبة من الإفلاس. ولنتذكر دائما أن تراكم المديونيات من الكوارث التي عصفت بأغلب الشركات العملاقة التي أفلست في الولايات المتحدة الأمريكية. ولمعرفة مدى خطورة هذا النهج الاقتصادي يكفي أن نذكر أن وارن بافيت قد أطلق على عقود المشتقات المالية المنبثقة من الديون وصف الأسلحة المالية للدمار الشامل.

5- ألا تزيد القيمة السوقية للسهم عن ضعف قيمته الدفترية، بمعنى مكرر القيمة الدفترية (القيمة السوقية للسهم/ القيمة الدفترية)= 2. ولا شك أنه كلما انخفض المكرر كلما زادت درجة إغراء السهم بالشراء، ويعتبر أعلى مكرر مقبول هو 3 كحالة استثنائية، وفي حالة توافر آليات تقييم ممتازة أخرى للشركة.

الوقت المناسب لشراء الأسهم:

من أجل تحقق المعايير المتحفظة التي ذكرها وارن بافت فليس كل الأوقات مناسباً للشراء؛ فلا بد من الانتظار حتى حدوث الوقت المناسب، وأفضل الأوقات للشراء هو أوقات الأزمات وفترات التشاؤم. يقول بافيت (إن الأسهم تكون أكثر فائدة وأهمية حين لا يهتم بها أحد). ويقول (كن حذراً عندما يطمع الآخرون، وطبعاً عندما يخاف الآخرون. انظر إلى أزمات انخفاض الأسعار في سوق المال على أنها فرص جيدة للشراء). وخلاصة القول ووفقاً للمعايير المذكورة فإن الوقت مناسب جداً للشراء في سوق الأسهم السعودي الذي يشهد أسعاراً سوقية خيالية للأسهم، لدرجة أن أسعار بعضها أقل من قيمته الدفترية. وبالتالي ومن خلال الاستثمار طويل الأجل يمكن تحقيق ثروات طائلة بإذن الله.

* كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
saud2@w.cn









 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد