أخيراً أُدينت إسرائيل، لتكون واحدة من الإدانات القليلة التي توجّه إلى الكيان الإسرائيلي الذي يتفوَّق على جميع الدول والكيانات بكثرة جرائمه وتجاوزاته، مثلما يتفوَّق على الآخرين بإفلاته من الإدانات، فضلاً عن عدم معاقبته على جرائمه، ولذلك فهو يواصل هذه الجرائم ويرتكب أبشع منها بإصرار عجيب ليس أعجب منه إلا إصرار المجتمع الدولي على تجاهل معاقبته ومساءلته، وحتى في حالة صدور إدانة نادرة، كالإدانة الدولية الأخيرة للكيان الإسرائيلي بسبب تعمّد قادة ومسؤولي هذا الكيان تجويع أهل قطاع غزة بعد محاصرة القطاع وإقفال جميع المعابر المؤدية إليه، بحيث فرضت على سكانه عدم الخروج ومنع الآخرين من التواصل معهم، وفرضت حرماناً بشعاً على سكانه بحيث منعتهم من تلقي الغذاء ومنعت عنهم التداوي وإدخال الأدوية، بل حتى الوقود حُرم منه القطاع لتنقطع الكهرباء حتى عن المستشفيات.
حال قطاع غزة وحرمان أهله من أبسط حقوق الإنسان استمر مدة طويلة وبعد صمت طويل وتجاهل مريب تذكَّرت الأسرة الدولية أهل غزة ورأت توجيه إدانة لانتهاكات وجرائم إسرائيل المستمرة منذ فترة طويلة.
هذه الإدانة الخجولة التي تأخرت كثيراً لا قيمة لها ولا معنى، فأعمال إسرائيل وجرائمها أزعجت وأغضبت حتى الإسرائيليين الذين ما زالت تنادي انتماءاتهم الإنسانية وتفرض عليهم العمل على وقف ما تفعله حكومتهم بشعب لم يكف أن يُفرض عليه الاحتلال، بل مُنع عنه الغذاء والدواء وسُجن في سجن كبير تُغلق معابره ويُمنع أهله من التواصل مع العالم الخارجي.
إدانة إسرائيل المتأخرة لا قيمة لها ولا معنى ما لم يرافقها أو يتبعها على وجه السرعة مطالبة وتحرّك صادق وجدي لإجبار إسرائيل على رفع حصارها الظالم عن أهل غزة وفتح معابر قطاع غزة جميعها والسماح بدخول المساعدات الإنسانية واحتياجات المحاصرين الغذائية والصحية والوقود وحتى الأموال التي تمنع المصارف الإسرائيلي وصولها إلى بنوك ومصارف القطاع رغم عائديتها لمواطنين فلسطينيين، إذ إن المسارعة بفتح المعابر وتمكين الشعب الفلسطيني المقيم بعضه في قطاع غزة من التواصل مع الخارج لتحقيق إنسانيته وتوفير حاجياته المعيشية هو حق من أهم حقوق الإنسان، وإصرار إسرائيل على تجاهل هذا الحق هو إمعان في ارتكاب جريمة إبادة لهذا الشعب الذي عانى الكثير في ظل تجاهل وصمت الأسرة الدولية الذي فاق حده والذي سيدفع ليس الفلسطينيين وحدهم إلى مواجهته، بل كل شعوب العالم التي ترفض الظلم والاضطهاد.
jaser@al-jazirah.com.sa